قال أهل اللغة : " العتق " : الحرية . يقال منه : " عتق يعتق عتقا " بكسر العين . "وعتقا" ، بفتحها أيضا . حكاه صاحب "المحكم" وغيره .
وعتاقا وعتاقة ، فهو عتيق وعاتق أيضا . حكاه الجوهري .
وهم عتقاء. وأعتقه فهو معتق . وأمة عتيق وعتيقة . وإماء عتائق .
وحلف بالعتاق . أي : الإعتاق .
قال الأزهري : هو مشتق من قولهم : عتق الفرس : إذا سبق ونجا .
[ ص: 518 ] وعتق الفرخ : طار واستقل . لأن العبد يتخلص بالعتق ، ويذهب حيث شاء .
قال الأزهري وغيره : وإنما قيل لمن أعتق نسمة : أنه أعتق رقبة ، وفك رقبة . فخصت الرقبة دون سائر الأعضاء ، مع أن العتق يتناول الجميع : لأن حكم السيد عليه ، وملكه له : كحبل في رقبة العبد . وكالغل المانع له من الخروج . فإذا أعتق : فكأنه أطلقت رقبته من ذلك. والله أعلم . هذا آخر كلام النووي " رحمه الله".
"والإرب" بكسر الهمزة وإسكان الراء : هو " العضو " ، بضم العين و كسرها .
وفي هذا الحديث : بيان فضل العتق ، وأنه من أفضل الأعمال .
ومما يحصل به : العتق من النار ، ودخول الجنة .
وفيه : استحباب عتق كامل الأعضاء . فلا يكون خصيا . ولا فاقد غيره من الأعضاء . وفي الخصي وغيره أيضا : الفضل العظيم . لكن الكامل أولى . وأفضله : أغلاه ثمنا ، وأنفسه .
فقال بعضهم : الإناث أفضل لأنها إذا عتقت ، كان ولدها حرا .
سواء تزوجها حر أو عبد .
وقال آخرون : عتق الذكور أفضل . لهذا الحديث ، ولما في الذكر من المعاني العامة المنفعة ، التي لا توجد في الإناث : من الشهادة ، والقضاء ، والجهاد ، وغير ذلك . مما يختص بالرجال " إما شرعا ، وإما عادة " . ولأن من الإماء ، من لا ترغب في العتق . وتضيع به . بخلاف العبيد .
قال النووي : وهذا القول ، هو الصحيح . وأما التقييد في الرقبة بكونها : " مؤمنة " : فيدل على أن هذا الفضل الخاص : إنما هو في عتق [ ص: 521 ] المؤمنة . وأما غير المؤمنة ، ففيه أيضا فضل بلا خلاف . ولكن دون فضل المؤمنة . ولهذا ، أجمعوا على أنه يشترط في عتق كفارة القتل :
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أن الأغلى ثمنا : أفضل . وإن كان كافرا . وخالفه غير واحد من أصحابه ، وغيرهم . قال : وهذا أصح . انتهى .
وأقول : قوله : " مؤمنة" ، وفي رواية : " مسلمة " : مقيد لباقي الروايات المطلقة . فلا يستحق الثواب المذكور : إلا من أعتق مؤمنة مسلمة . وقوله : " مؤمنة " : أخص من قيد الإسلام .
قال في "النيل" : ولا خلاف أن معتق الرقبة الكافرة : مثاب على العتق .
ولكنه ليس كثواب الرقبة المؤمنة .
واستشكل nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : قوله " حتى فرجه بفرجه"، فقال : "الفرج" لا يتعلق به ذنب يوجب النار ، إلا الزنا . فإن حمل على ما يتعاطاه من الصغائر ، كالمفاخذة : لم يشكل عتقه من النار بالعتق . وإلا فالزنا كبيرة لا تكفر إلا بالتوبة . قال : فيحتمل أن يكون المراد : أن العتق يرجح عند الموازاة ، بحيث يكون مرجحا لحسنات المعتق ، ترجيحا يوازي سيئة الزنا . انتهى .
قال الحافظ : ولا اختصاص لذلك بالفرج بل يأتي في غيره من الأعضاء ; كاليد في الغصب مثلا . انتهى .