(عن nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين " رضي الله عنهما " ; أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته ، لم يكن له مال غيرهم . فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجزأهم) بتشديد الزاي ، وتخفيفها . [ ص: 532 ] لغتان مشهورتان ، ذكرهما nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت وغيره .
ومعناه : قسمهم : (أثلاثا ، ثم أقرع بينهم ، فأعتق اثنين وأرق أربعة . وقال له قولا شديدا) أي في شأنه . كراهية لفعله وتغليظا عليه .
وقد جاء في رواية أخرى تفسيره : (قال : "لو علمنا ، ما صلينا عليه") .
وهذا محمول ، على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحده ، كان يترك الصلاة عليه ، تغليظا وزجرا لغيره : على مثل فعله .
وأما أصل الصلاة عليه : فلا بد من وجودها ، من بعض الصحابة .
قال النووي : وفي هذا الحديث : دلالة لمذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ، والجمهور : في إثبات القرعة ، في العتق ونحوه . وأنه إذا أعتق عبيدا في مرض موته ، أو أوصى بعتقهم ، " ولا يخرجون من الثلث ": أقرع بينهم . فيعتق ثلثهم بالقرعة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : القرعة باطلة ، لا مدخل لها في ذلك . بل يعتق من كل واحد : قسطه . ويستسعى في الباقي ، لأنها خطر . قال : وهذا مردود بهذا الحديث الصحيح ، وأحاديث كثيرة . [ ص: 533 ] قال : وقوله : " فأعتق اثنين وأرق أربعة ": صريح في الرد على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . وقد قال بقوله : nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، وشريح ، والحسن . وحكي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب . انتهى .
قلت : ولعل الوجه في ذلك : عدم بلوغ الحديث إليه " رضي الله عنه " ، وإليهم . وكم من أحاديث لم تقف عليها الأئمة ، بل الصحابة والتابعون.. فما ظنك بما عداهم . وإنما نشأ الخلاف بين الأمة من ههنا . لكن الشأن فيمن بلغه هذا الحديث ، ثم لم يقل به جمودا على المذهب ، وتقليدا لأهل الرأي . فما هم ورب الكعبة والبيت العتيق ! على خير .
والقرعة ثابتة في هذه الشريعة ، ثبوتا لا سبيل إلى إنكاره . وهذا شرع واضح ، جاء به الذي جاءنا بما شرعه الله عز وجل لنا . وليس بيد من أنكر العمل بالقرعة : إلا التشبث بالهباء تأثيرا لآراء الرجال على الشريعة الواضحة ، التي ليلها كنهارها . والرجوع إلى القرعة ، في مثل هذا : ثابت بالفحوى . ومن ترك العمل بهذه السنة . الواضحة ، زاعما أنها مخالفة للأصول : فليس لهذه الأصول وجود . [ ص: 534 ] وليست إلا مجرد قواعد ، لم تدل عليها رواية ، ولا شهدت لها دراية . على أن الرجوع إلى القرعة والعمل بها : قد وقع من الشارع ، في مواضع أخر;
ومن ذلك : ما فعله nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، في الجماعة المتنازعين ، في ولد الأمة المشتركة بينهم. فقرره صلى الله عليه وآله وسلم واستحسنه .
وبهذا ، عرفت أن القرعة : شرع ثابت واضح ، تنقطع بها الشبهة ، وتثبت بها الحقوق . والله أعلم .