(عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ) رضي الله عنه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أهل النار (الذين هم أهلها) فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون":
والمعنى (والله أعلم) أن الكفار الذين هم أهل النار، والمستحقين للخلود، لا يموتون فيها ولا يحيون حياة ينتفعون بها ويستريحون معها. كما قال تعالى:
(ولكن ناس) منكم (أصابتهم النار بذنوبهم؛ (أو قال: بخطاياهم)؛ فأماتهم إماتة".
يعني؛ أن المذنبين من المؤمنين يميتهم الله تعالى "إماتة"، بعد أن يعذبوا المدة التي أرادها الله تعالى.
[ ص: 361 ] وهذه الإماتة إماتة حقيقية، يذهب معها الإحساس، ويكون عذابهم على قدر ذنوبهم، ثم يميتهم، ثم يكونون محبوسين في النار من غير إحساس، المدة التي قدرها الله، ثم يخرجون من النار موتى.
"حتى إذا كانوا فحما"، أي: صاروا "أذن بالشفاعة، فجيء بهم" أي: يحملون "ضبائر ضبائر"، كما تحمل الأمتعة.
"وضبائر" جمع "ضبارة" بفتح الضاد وكسرها "لغتان" أشهرهما الكسر، ويقال فيها أيضا "إضبارة" بكسر الهمزة.
قال أهل اللغة: "الضبائر" جماعات في تفرقة. وروي "ضبارات ضبارات"؛ "فبثوا على أنهار الجنة"، أي: يلقون عليها، ومعناه: فرقوا.
"ثم قيل: يا أهل الجنة! أفيضوا عليهم"، فيصب عليهم ماء الحياة، فيحيون "فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل" في سرعة نباتها، وضعفها، فتخرج لضعفها "صفراء ملتوية".
ثم تشتد قوتهم بعد ذلك، ويصيرون إلى منازلهم. وتكمل أحوالهم.
أحدهما أنها إماتة حقيقية، والثاني ليس بموت حقيقي، ولكن يغيب عنهم إحساسهم بالآلام.
قال: ويجوز أن تكون آلامهم أخف.
[ ص: 362 ] قال النووي: والمختار ما قدمناه.
"فقال رجل من القوم: كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان بالبادية".
أي: لذكره مثال "حميل السيل"؛ وقوله في حديث آخر عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم (كما تنبت الحبة إلى جانب السيل. ألم تروها كيف تخرج صفراء ملتوية)؟ وفي آخر: "كما تنبت الغثاء في جانب السيل" وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=17286وهيب "كما تنبت الحبة في حمئة السيل" أو "حميلة السبيل".
"والغثاء" كل ما جاء به السيل، أو ما احتمله السيل من البذور.
وقد جاء في غير nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم "غثاء السيل" وهو ما احتمله السيل من الزبد؛ والعيدان، ونحوهما من الأقذاء.
"والحمئة" هي الطين الأسود، الذي يكون في أطراف النهر.
"وحميلة" واحدة "الحميل" بمعنى: المحمول: وهو "الغثاء" الذي يحتمله السيل.
وهذا لا يعرفه إلا من كان بالبادية؛ ولذلك قال الرجل ما قال، وتعجب من هذا المقال. والله أعلم بحقيقة الحال.