(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، " رضي الله عنه" ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : من ابتاع شاة مصراة (.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : "التصرية " : هي ربط أخلاف الشاة ، أو الناقة ، [ ص: 619 ] وترك حلبها " اليومين ، والثلاثة" ، حتى يجتمع لبنها ، فيكثر : فيظن المشتري أن ذلك عادتها : فيزيد في ثمنها ، لما يرى من كثرة لبنها.
وفي خيار المصراة اختلاف ، هل هو على الفور أو يمتد ثلاثة أيام ؟ فقيل : يمتد . لظاهر هذه الأحاديث .
والأصح : أنه على الفور . والتقييد ، محمول على ما إذا لم يعلم أنها مصراة .
[ ص: 620 ] وإذا ردها ، رد معها صاعا من تمر . سواء كان اللبن قليلا ، أو كثيرا . وسواء كانت ناقة ، أو شاة ، أو بقرة . وبه قال الشافعية ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ، nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وفقهاء المحدثين . وهو الصحيح الموافق للسنة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وطائفة من أهل العراق : يردها ، ولا يرد صاعا من تمر . لأن الأصل : أنه إذا أتلف شيئا لغيره ، رد مثله إن كان مثليا . وإلا فقيمته . وأما جنس آخر من العروض ، فخلاف الأصول .
وأجاب الجمهور عن هذا : بأن السنة ، إذا وردت : لا يعترض عليها بالمعقول .
والتقييد بصاع التمر : لأنه كان غالب قوتهم في ذلك الوقت . فاستمر حكم الشرع على ذلك . ووجب صاع في القليل والكثير ، ليكون ذلك حدا يرجع إليه ، ويزول به التخاصم .
وكان صلى الله عليه وآله وسلم : حريصا على رفع الخصام ، والمنع من كل ما هو سبب له .
[ ص: 621 ] ومثله : الجبران " في الزكاة " ، بين الشيئين. جعله الشرع : شاتين ، أو عشرين درهما . قطعا للنزاع . سواء كان التفاوت بينهما قليلا ، أو كثيرا.
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، وآخرون : نحو هذا المعنى . والله أعلم . انتهى حاصله .
قلت : وقد أخذ بظاهر حديث الباب : الجمهور . وأفتى به الصحابة .
وقال به من التابعين ، ومن بعدهم : من لا يحصى عدده .
وخالف في أصل المسألة : أكثر الحنفية ، وفي فروعها : آخرون .
وقد اعتذر الحنفية ، عن حديث المصراة هذا : بأعذار ، بسطها الحافظ في "الفتح" . والشوكاني " رحمه الله " في "النيل" ، مع زيادة عليها . وقال : لا يخفى على منصف : أن هذه القواعد ، التي جعلوا هذا الحديث مخالفا لها ، لو سلم أنها قد قامت عليها الأدلة ; لم يقصر الحديث عن الصلاحية لتخصيصها . فيا لله العجب ! من قوم يبلغون في المحاماة عن مذاهب أسلافهم ، وإيثارها على السنة المطهرة الصريحة الصحيحة : إلى هذا الحد، الذي يسر به إبليس . وينفق في حصول مثل هذه القضية ; التي قل طمعه في مثلها " من علماء الإسلام " : النفس والنفيس .
وهكذا ، فلتكن ثمرات التمذهبات ، وتقليدات الرجال في مسائل الحرام والحلال . انتهى .