فإن خير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك: فقد وجب البيع. وإن تفرقا بعد أن تبايعا، ولم يترك واحد منهما البيع: فقد وجب البيع" .].
(الشرح)
(عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر "رضي الله عنهما"، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنه قال: "إذا تبايع الرجلان، فكل واحد منهما بالخيار". ) بكسر المعجمة: اسم من الاختيار، أو التخيير. وهو طلب خير الأمرين: من إمضاء البيع، أو فسخه.
[ ص: 25 ] والمراد بالخيار هنا: خيار المجلس.
(ما لم يتفرقا، وكانا جميعا ) .
هذا الحديث: دليل لثبوت خيار المجلس، لكل واحد من المتبايعين، بعد انعقاد البيع، حتى يتفرقا من ذلك المجلس بأبدانهما. لا بأقوالهما. وبهذا قال جماهير العلماء، من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري، وسائر المحدثين.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك: لا يثبت خيار المجلس، بل يلزم البيع بنفس الإيجاب والقبول. وبه قال ربيعة. وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي. وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري.
قال النووي: وهذه الأحاديث الصحيحة: ترد على هؤلاء، وليس لهم عنها: جواب صحيح. والصواب: ثبوته، كما قال الجمهور. والله أعلم. انتهى.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: لا يعرف لهم "أي: للصحابة": مخالف من التابعين. إلا nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وحده. ولا نعلم لهم سلفا، إلا إبراهيم وحده. انتهى.
[ ص: 26 ] وما في معناه: من الأحاديث الأخرى، الأجنبية عن المقام. وإنها على فرض شمولها لمحل النزاع: أعم مطلقا. فيبنى العام على الخاص. والمصير إلى الترجيح، مع إمكان الجمع: غير جائز.
ومنهم: من قال: إن أحاديث الخيار منسوخة.
قال في الفتح: ولا حجة في شيء من ذلك. لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال.
وقال بعضهم: إن إثباته، مخالف للقياس الجلي؛ في إلحاق ما قبل التفرق بما بعده. وهو قياس فاسد الاعتبار، لمصادمته النص.
وقد ذكرنا هنا: ما كان يحتاج منها إلى الجواب. وتركنا: ما كان ساقطا.
فمن أحب المزيد: فليرجع إلى النيل ونحوه، من المطولات.
والمشهور الراجح، من مذاهب العلماء، في حد التفرق بالأبدان: أن ذلك موكول إلى العرف. فكل ما عد في العرف تفرقا: حكم به. وما لا: فلا.
(أو يخير ) بإسكان الراء، عطفا على قوله: ما لم يتفرقا. ويحتمل: نصب الراء، على أن (أو ) بمعنى: (إلا أن ) ، [ ص: 27 ] كما قيل: إنها كذلك، في قوله: "أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر".
(أحدهما الآخر ) أي: يقول له: "اختر إمضاء البيع"، قبل التفرق. فيلزم البيع. وبطل اعتبار التفرق.
وقيل: معناه: يشترط الخيار مدة معينة. فلا ينقضي الخيار بالتفرق. بل يبقى حتى تمضي المدة.
والأول هو الراجح، وهو المنصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي. ونقلوه عنه. وأبطل كثير منهم: ما سواه. وغلطوا قائله.
قال النووي: وممن رجحه من المحدثين: nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي. ثم بسط دلائله، وبين ضعف ما يعارضها. انتهى.
(فإن خير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك: فقد وجب البيع (أي: لزم وانبرم.
فإن خير أحدهما الآخر، فسكت: لم ينقطع خيار الساكت.
وفي انقطاع خيار القائل وجهان؛
أصحهما: الانقطاع، لظاهر لفظ الحديث.
(وإن تفرقا بعد أن تبايعا، ولم يترك واحد منهما البيع: فقد وجب البيع ) . وهذا من الوضوح، مكان لا يخفى.