فقال اللهم! إن كانت كاذبة فعم بصرها، واقتلها في أرضها. قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها. ثم بينا هي تمشي في أرضها، إذ وقعت في حفرة فماتت .]
(الشرح)
(عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ) رضي الله عنه: (أن أروى بنت أوس ادعت على nindex.php?page=showalam&ids=85سعيد بن زيد "رضي الله عنه": أنه أخذ شيئا من أرضها فخاصمته إلى nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئا، بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال: وما الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "من أخذ شبرا من الأرض ظلما، طوقه إلى سبع أرضين" فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد [ ص: 105 ] هذا. فقال: اللهم! إن كانت كاذبة فعم بصرها، واقتلها في أرضها. قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها. ثم بينا هي تمشي في أرضها؛ إذ وقعت في حفرة، فماتت ) .
وأما تأويل المماثلة، على الهيئة والشكل: فخلاف الظاهر. وكذا قول من قال: المراد: "سبع أقاليم". وهذا تأويل باطل، أبطله العلماء انتهى. لأنه لو كان كذلك، لم يطوق الظالم بشبر من هذا الإقليم: شيئا من إقليم آخر. قاله ابن التين، بخلاف طباق الأرض: فإنها تابعة لهذا الشبر في الملك، إلى منتهى الأرض. وله: أن يمنع من حفر تحتها سربا، أو بئرا، بغير رضاه. وأن من ملك ظاهر الأرض: ملك باطنها بما فيه من حجارة، وأبنية، ومعادن، وغير ذلك.
[ ص: 106 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: وقد جاء في غلظ الأرضين وطباقهن وما بينهن: حديث ليس بثابت. انتهى.
قلت: ولعل المراد بذلك: حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس "رضي الله عنهما"، في الأوادم والخواتم. والظاهر: أنه أخذه من الإسرائيليات. ويا لله العجب! من قوم جاهلين، تعلقوا به. ومن قوم آخرين تشمروا لإثباته، مع شذوذ فيه، ونكارة من جهة الإسناد، ولم يتابعه أحد ممن يعتمد عليه في هذا الفن. وتأوله قوم، ولا حاجة إليه؛ فإن الموقوف لا يحتج به رأسا، لا سيما في مثل هذا الموطن. ويكفي الإنسان: أن يقول بما ورد: على ما ورد، ولا يزيد عليه من تلقاء نفسه: شيئا لم يرد به مرفوع. ومن حسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه.
وما أبعد عن المقام: ما استدل به بعض الناس: على وجود مثله صلى الله عليه وآله وسلم، في تلك الطبقات !!
قال في النيل: فيه: أن الأرضين السبع متراكمة، لم يفتق بعضها من بعض؛ لأنها لو فتقت: لاكتفي في حق هذا الغاصب، بتطويق التي غصبها، لانفصالها عما تحتها. أشار إلى ذلك الداودي. انتهى.
[ ص: 107 ] وهذا تحرير حسن.
وأما التطويق المذكور في الحديث، فقالوا: يحتمل أن معناه: أنه يحمل مثله من سبع أرضين، ويكلف إطاقة ذلك.
وقيل: معناه: أنه يطوق إثم ذلك، ويلزمه كلزوم الطوق بعنقه.
وعلى تقدير التطويق في عنقه: يطول الله عنقه، كما جاء في غلظ جلد الكافر وعظم ضرسه.
وقيل: إنه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين، أي فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقا في عنقه. ويؤيده حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=652274 "خسف به يوم القيامة، إلى سبع أرضين". رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري. وقيل غير ذلك.
ويحتمل: أن تتنوع هذه الصفات لصاحب هذه المعصية، أو تنقسم بينهم بحسب قوة المفسدة وضعفها.
وفيه: إمكان غصب الأرض، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومذهب الجمهور.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة: لا يتصور غصب الأرض. انتهى.
[ ص: 108 ] وإني لأعجب من عدم هذا التصور، فقد صح وشوهد غصبها، من كثير من الناس، ويكون في كل زمان، بحيث لا يمكن إنكاره؛ لمن يختبر أحوال أهل الزرع والحرث. والله أعلم.