السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3171 باب من عض يد رجل فانتزع ثنيته

وقال النووي : ( باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه ، إذا دفعه المصول عليه فأتلف نفسه أو عضوه ، لا ضمان عليه ) .

وقال في المنتقى : ( باب من عض يد رجل ، فانتزعها فسقطت ثنيته ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 161 ج11 المطبعة المصرية

[ عن عمران بن حصين ؛ أن رجلا عض يد رجل، فانتزع يده فسقطت ثنيته (أو ثناياه ) فاستعدى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تأمرني؟ تأمرني: أن آمره: أن يدع يده في فيك، تقضمها كما يقضم الفحل؟ ادفع يدك حتى يعضها، ثم انتزعها " ].


(الشرح)

(عن عمران بن حصين ) رضي الله عنهما : (أن رجلا عض يد رجل ، فانتزع يده فسقطت ثنيته " أو ثناياه ) " (.

[ ص: 300 ] وفي رواية لمسلم : " عض ذراع رجل.

وفي رواية للبخاري : "فعض إصبع صاحبه ".

وقد جمع بتعدد القصة.

وقيل : رواية الذراع أرجح من رواية الإصبع ، لأنها من طريق جماعة. كما حقق ذلك الحافظ ، في الفتح.

(فاستعدى رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "ما تأمرني ؟ تأمرني : أن آمره : أن يدع يده في فيك تقضمها ، كما يقضم الفحل " ) بفتح الضاد فيهما ، على اللغة الفصيحة. ومعناه : يعضها.

قال أهل اللغة : "القضم " : بأطراف الأسنان.

وفي رواية : " كما يعض الفحل " أي : من الإبل وغيرها. وهو إشارة إلى تحريم ذلك.

وفيه : دلالة لمن قال : إنه إذا عض رجل يد غيره ، فنزع المعضوض يده ، فسقطت أسنان العاض ، أو فك لحيته : لا ضمان عليه. قال النووي : هذا مذهب الشافعي ، وأبي حنيفة ، وكثيرين ، أو الأكثرين. وقال مالك : يضمن. انتهى.

قلت : وهو محجوج بالدليل الصحيح. وقد تأول أتباعه ذلك الدليل بتأويلات في غاية من السقوط. وعارضوه بأقيسة باطلة. وما أحسن [ ص: 301 ] ما قال يحيى بن يعمر !: لو بلغ مالكا هذا الحديث : لم يخالفه. وكذا قال ابن بطال.

(ادفع يدك حتى يعضها ثم انتزعها ) .

قال النووي : ليس المراد بهذا : أمره بدفع يده ليعضها. إنما معناه : الإنكار عليه. أي : إنك لا تدع يدك في فيه يعضها. فكيف تنكر عليه أن ينتزع يده من فيك ، وتطالبه يما جنى في جذبه لذلك ؟

قال في النيل : الحديث يدل على أن الجناية ، إذا وقعت على المجني عليه بسبب منه ، كالقصة المذكورة وما شابهها : فلا قصاص ، ولا أرش. وإليه ذهب الجمهور. لكن بشرط : أن لا يتمكن المعضوض مثلا ، من إطلاق يده ، أو نحوها ، بما هو أيسر من ذلك. وأن يكون ذلك العض مما يتألم به المعضوض. وظاهر الدليل : عدم الاشتراط. وقد قيل : إنه من باب التقييد بالقواعد الكلية. وفي وجه للشافعية : أنه يهدر مطلقا. انتهى.

قال القاضي : وهذا الباب ، مما تتبعه الدارقطني على مسلم : بالاختلاف على عطاء ، وعدم سماع ابن سيرين عن عمران.

قال النووي : ولا يلزم من هذا الاختلاف : ضعف الحديث. ولا من كون ابن سيرين لم يصرح بالسماع من عمران. ولو ثبت ضعف هذا الطريق؛ لم يلزم منه ضعف المتن. فإنه صحيح بالطرق الباقية ، التي ذكرها مسلم. وقد سبق مرات : أن مسلما يذكر في المتابعات ، من هو دون شرط الصحيح. انتهى. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية