(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) رضي الله عنه : (قال : اقتتلت امرأتان من هذيل ، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها ، وما في بطنها. فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أن دية جنينها غرة : عبد ، أو وليدة ) .
الجنين " بوزن " عظيم " : هو حمل المرأة ما دام في بطنها. سمي بذلك لاستتاره. فإن خرج حيا ، فهو "ولد". أو ميتا ، فهو "سقط". وقد يطلق عليه : "جنين ".
قال الباجي : " الجنين " : ما ألقته المرأة ، مما يعرف أنه ولد ، سواء كان ذكرا أم أنثى. ما لم يستهل صارخا. " والغرة " بضم المعجمة وتشديد الراء : أصلها : البياض في وجه الفرس. قال الجوهري : كأنه عبر بالغرة عن الجسم كله. كما قالوا : أعتق رقبة.
وقوله : "عبد أو وليدة ". وفي رواية : " أو أمة": تفسير للغرة. قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : قراءة العامة بالإضافة. وغيرهم بالتنوين. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض التنوين : أوجه. لأنه بيان للغرة ما هي. وتوجيه الإضافة : أن الشيء قد يضاف إلى نفسه ، لكنه نادر.
[ ص: 315 ] وقال صاحب المطالع : الصواب : رواية التنوين.
" وأو " : شك من الراوي. أو للتنويع وهو الأظهر.
قال النووي : قال العلماء : " أو " هنا للتقسيم ، لا للشك.
واتفق الفقهاء على أنه يجزئ فيها : " السوداء ". ولا تتعين البيضاء. كما قال أبو عمرو. نظرا إلى لفظ " الغرة ".
واتفقوا : على أن دية الجنين هي " الغرة ". سواء كان الجنين ذكرا أو أنثى. ففي كل ذلك : " الغرة " بالإجماع.
قال النووي : فإن كان ذكرا ، وجب مائة بعير. وإن كان أنثى ، فخمسون. قال : وهذا مجمع عليه. وسواء في هذا كله : العمد ، والخطأ. انتهى.
قال في النيل : وهذا الحكم مختص بولد الحرة ، لأن القصة وردت في ذلك. وما وقع في بعض الأحاديث بلفظ : " إملاص المرأة " ونحوه ، فهو وإن كان فيه عموم. لكن الراوي ذكر : أنه شهد واقعة مخصوصة. وقد ذهب الشافعي وغيره : إلى أن في جنين الأمة : عشر قيمة أمة. كما أن الواجب في جنين الحرة : عشر ديتها. انتهى.
وعن بعضهم : تكون دية الجنين لها خاصة. قال : ومتى وجبت " الغرة " ، فهي على " العاقلة " لا على الجاني. هذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأبي حنيفة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : على الجاني. وقال آخرون : يلزم الجاني الكفارة. وقال بعضهم : لا كفارة عليه.
وفي رواية أخرى : " أنها ضربتها بعمود فسطاط وهي حبلى ، هذا محمول على حجر صغير ، وعمود صغير ، لا يقصد به القتل غالبا ، فيكون شبه عمد ، تجب فيه الدية على العاقلة. ولا يجب فيه قصاص ولا دية على الجاني.
قال : وهذا مذهب الشافعي ، والجماهير.
(وقضى بدية المرأة على عاقلتها ، وورثها ولدها ومن معهم ) .
" العاقلة" بكسر القاف : جمع "عاقل " ، وهو دافع الدية. وسميت الدية "عقلا" : تسمية بالمصدر. لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي [ ص: 317 ] المقتول. ثم كثر الاستعمال ، حتى أطلق العقل على الدية ، ولو لم تكن إبلا.
وعاقلة الرجل : قراباته من قبل الأب. وهم عصبته.
قال النووي : المراد بالعاقلة : هي العصبة. وهم من عدا الولد ، وذوي الأرحام.
قلت : تحميل العاقلة الدية : ثابت بالسنة. وهو إجماع أهل العلم. كما حكاه في الفتح. وتضمين العاقلة : مخالف لظاهر قوله تعالى : ولا تزر وازرة وزر أخرى . فتكون الأحاديث القاضية بتضمين العاقلة ، مخصصة لعموم الآية. لما في ذلك من المصلحة.
وعاقلة الرجل : " عشيرته. فيبدأ بفخذه الأدنى. فإن عجزوا ، ضم إليهم : الأقرب فالأقرب ، المكلف ، الذكر ، الحر ، من عصبة النسب ، ثم السبب ، ثم في بيت المال.
.(فقال حمل بن النابغة الهذلي ) نسبة إلى جده. وهو حمل بن مالك [ ص: 318 ] ابن النابغة. " وحمل " بفتحتين.
(يا رسول الله ! كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ، ولا نطق ولا استهل ؟ فمثل ذلك يطل ) بضم الياء وتشديد اللام : معناه : يهدر ، ويلغى ، ولا يضمن.
وروي "بطل " بفتح الباء وتخفيف اللام. على أنه فعل ماض ، من البطلان. وهو بمعنى الملغي أيضا.
قال النووي : وأكثر نسخ بلادنا بالمثناة. ونقل nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : أن جمهور الرواة في صحيح مسلم ، ضبطوه بالموحدة ، قال أهل اللغة : "طل دمه " بضم الطاء. " وأطل ". أي : أهدر. وأطله الحاكم ، وطله : أهدره.
وجوز بعضهم : "طل دمه" بفتح الطاء في اللازم. وأباها الأكثرون.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم : " إنما هذا ، من إخوان الكهان ". من أجل سجعه الذي سجع ) .
وفي الرواية الأخرى : "سجع كسجع الأعراب " . قال أهل العلم : إنما ذم سجعه لوجهين؛ أحدهما : أنه عارض به حكم الشرع، ورام إبطاله. والثاني : أنه تكلفه في مخاطبته.
قال النووي : وهذان الوجهان من السجع ، مذمومان. وأما السجع الذي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقوله ، في بعض الأوقات. وهو [ ص: 319 ] مشهور في الحديث : فليس من هذا. لأنه لا يعارض به حكم الشرع ، ولا يتكلفه. فلا نهي فيه. بل هو حسن. ويؤيد هذا التأويل : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : "كسجع الأعراب ". فأشار إلى أن بعض السجع هو المذموم. انتهى.
قلت : وفي النيل : أن محل الذم والكراهة : إذا كان ظاهر التكلف. وكذا لو كان منسجما ، لكنه في إبطال حق أو تحقيق باطل.
فأما لو كان منسجما ، وهو حق ، أو في مباح : فلا كراهة. بل ربما كان في بعضه ما يستحب. مثل أن يكون فيه إذعان مخالف للطاعة. وعلى هذا يحمل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذا عن غيره من السلف الصالح.
قال الحافظ : والذي يظهر لي : أن الذي جاء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لم يكن عن قصد إلى السجع ، وإنما جاء اتفاقا ، لعظم بلاغته صلى الله عليه وسلم.
وأما من بعده ، فقد يكون كذلك. وقد يكون عن قصد، وهو الغالب ؛ ومراتبهم في ذلك متفاوتة جدا. انتهى.