(عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت ) رضي الله عنه : (قال : كان نبي الله " صلى الله عليه ) وآله (وسلم " إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك ) بضم الكاف وكسر الراء.
(وتربد له وجهه (أي : علته غبرة. والربد : تغير البياض إلى السواد.
(قال : فأنزل عليه ذات يوم ، فلقي كذلك. فلما سري عنه قال : "خذوا عني ، فقد جعل الله لهن سبيلا ) . إشارة إلى قوله تعالى : فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا فبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أن ذلك هو السبيل. واختلف أهل العلم في هذه الآية ؛ فقيل : محكمة. وهذا الحديث مفسر لها.
وقيل : منسوخة بالآية التي في أول سورة النور.
وقيل : إن آية النور في البكرين. وهذه الآية في الثيبين.
قال : والمراد بالبكر من الرجال والنساء : من لم يجامع في نكاح صحيح ، وهو حر بالغ عاقل. سواء كان جامع بوطء شبهة ، أو نكاح فاسد ، أو غيرهما. أم لا.
والمراد بالثيب : من جامع في دهره مرة ، من نكاح صحيح ، وهو بالغ عاقل حر.
والرجل والمرأة ، في هذا سواء.
قال : وسواء في كل هذا : المسلم والكافر ، والرشيد والمحجور عليه لسفه. والله أعلم.
(الثيب بالثيب. والبكر بالبكر. الثيب جلد ) مائة ، ثم رجما بالحجارة ) .
قال النووي : أجمع العلماء على وجوب جلد الزاني البكر مائة. ورجم المحصن " وهو الثيب ". ولم يخالف في هذا أحد من أهل القبلة ، [ ص: 337 ] إلا ما حكي عن الخوارج ، وبعض المعتزلة ، كالنظام وأصحابه. فإنهم لم يقولوا بالرجم.
قلت : ولا مستند لهم ، إلا أنه لم يذكر في القرآن. وهذا باطل. فإنه قد ثبت بالسنة المتواترة ، المجمع عليها. وأيضا هو ثابت بنص القرآن ، لحديث عمر الفاروق " رضي الله عنه " الآتي.
فقالت طائفة : يجب الجمع بينهما ، فيجلد ثم يرجم. وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ، nindex.php?page=showalam&ids=12418وابن راهويه ، وداود ، وأهل الظاهر ، وبعض أصحاب الشافعي.
وقال جماهير العلماء : الواجب : الرجم وحده.
وحكى عياض عن طائفة من أهل الحديث : أنه يجب الجمع بينهما ، إذا كان الزاني شيخا ثيبا. فإن كان شابا ثيبا ، اقتصر على الرجم.
قال: وهذا مذهب باطل ، لا أصل له.
[ ص: 338 ] وحجة الجمهور : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، اقتصر على رجم الثيب في أحاديث كثيرة ؛
قلت : هذا الحديث ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر : دليل على الجمع بينهما. ولا حجة في قصة ماعز وغيره ، لأن المثبت أولى من النافي ، مع جواز أن الراوي ترك ذكر الجلد ، لكونه معلوما من الكتاب والسنة. وكيف يليق بعالم : أن يدعي نسخ الحكم الثابت كتابا وسنة ، بمجرد ترك الراوي لذلك الحكم ، في قضية عين لا عموم لها ؟
وبالجملة ، أنا لو فرضنا : أنه صلى الله عليه وآله وسلم ، أمر بترك جلد ماعز ، وصح لنا ذلك ، لكان ؛ على فرض تقدمه منسوخا. وعلى فرض التباس المتقدم بالمتأخر مرجوحا. وعلى فرض تأخره غاية ما فيه : أنه يدل على أن الجلد لمن استحق الرجم غير واجب ، لا غير جائز. ولكن أين الدليل على التأخر ؟
(والبكر جلد مائة ، ثم نفي سنة ) .
[ ص: 339 ] قال النووي : فيه حجة nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي والجماهير ؛ أنه يجب نفيه سنة. رجلا كان ، أو امرأة.
وقال الحسن : لا يجب النفي.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي : لا نفي على النساء. وروي مثله عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي. وقالوا : لأنها عورة ، وفي نفيها تضييع لها ، وتعريض لها للفتنة. ولهذا نهيت عن المسافرة ، إلا مع محرم.
وحجة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : حديث الباب هذا.
وأما العبد ، والأمة : ففيهما ثلاثة أقوال nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي
؛
أحدها : تغريب كل منهما سنة ، لظاهر هذا الحديث. وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وداود ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير.
الثاني : تغريب نصف سنة. لقوله تعالى : فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب وهذا أصح الأقوال عند الشافعية. والآية مخصصة لعموم الحديث. والصحيح عند الأصوليين : جواز تخصيص السنة بالكتاب لأنه ؛ إذا جاز تخصيص الكتاب بالكتاب ، فتخصيص السنة به أولى .
والثالث: لا يغرب المملوك أصلا. وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وإسحاق ، [ ص: 340 ] nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري وحماد لقوله صلى الله عليه وآله وسلم ، في الأمة إذا زنت : " فليجلدها". ولم يذكر النفي.
والجواب : أنه ليس في هذا تعرض للنفي. والآية ظاهرة في وجوب النفي ، فوجب العمل بها ، وحمل الحديث على موافقتها. انتهى.
قال في النيل: حديث " nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة " دليل على ثبوت التغريب ، ووجوبه على من كان غير محصن. وقد ادعى محمد بن نصر في كتاب الإجماع : الاتفاق على نفي الزاني البكر إلا عن الكوفيين.
وفي قصة " العسيف " : أن عليه جلد مائة ، وتغريب عام. وخطب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بذلك على رءوس المنابر. وعمل به الخلفاء الراشدون ، ولم ينكره أحد. فكان إجماعا. وحكي القول به : عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وغيرهم.
[ ص: 341 ] فإن عدم الذكر في الآية : لا يدل على مطلق العدم. وقد ذكر التغريب في الأحاديث الصحيحة ، الثابتة ، باتفاق أهل العلم بالحديث : من طريق جماعة من الصحابة. وليس بين هذا الذكر ، وبين عدمه في الآية : منافاة إلى قوله، وغاية الأمر : أنا لو سلمنا تأخر حديث الأمة عن أحاديث التغريب ، كان معظم ما يستفاد منه : أن التغريب في حق الإماء ليس بواجب ، ولا يلزم ثبوت مثل ذلك في حق غيرها. أو يقال : إن حديث الأمة : مخصص لعموم أحاديث التغريب مطلقا ، على ما هو الحق ، من أنه يبنى العام على الخاص ، تقدم ، أو تأخر ، أو قارن. ولكن ذلك التخصيص : باعتبار عدم الوجوب في الخاص لا باعتبار عدم الثبوت مطلقا. فإن مجرد الترك لا يفيد مثل ذلك. وظاهر أحاديث التغريب : أنه ثابت في الذكر والأنثى. " وهو نفي الزاني عن محله سنة ". قيل : وأقله " مسافة قصر ". وليس الحبس سنة : من التغريب في شيء. انتهى حاصله.