فيه : النهي عن القضاء ، في حال الغضب. قال المهلب : سبب هذا النهي : أن الحكم حالة الغضب ، قد يتجاوز بالحاكم إلى غير الحق فمنع. وبذلك قال فقهاء الأمصار.
وقال ابن دقيق العيد : النهي لما يحصل بسببه من التغير الذي يختل به النظر ، فلا يحصل استيفاء الحكم على الوجه.
[ ص: 412 ] قال النووي : قال العلماء : ويلتحق بالغضب : كل حال يخرج الحاكم فيها عن سداد النظر ، واستقامة الحال : كالشبع المفرط ، والجوع المقلق ، والهم الزائد ، والفرح البالغ ، ومدافعة الحدث ، وتعلق القلب بأمر ، ونحو ذلك.
وكل هذه الأحوال : يكره له القضاء فيها ، خوفا من الغلط. فإن قضى فيها صح قضاؤه ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى في شراج الحرة ، في مثل هذا الحال. وقال في اللقطة : " مالك ولها ؟" إلخ، وكان في حال الغضب. انتهى.
قلت : ظاهر النهي : التحريم. وقول الجمهور : يصح إن صادف الحق ، بدليل قضائه صلى الله عليه وآله وسلم nindex.php?page=showalam&ids=15للزبير ونحوه. وكأنهم جعلوا ذلك قرينة صارفة للنهي إلى الكراهة. ولكنه لا يخفى أنه لا يصح إلحاق غيره صلى الله عليه وآله وسلم به ، في مثل ذلك ، لأنه معصوم عن الحكم بالباطل في رضائه وغضبه ، بخلاف غيره فلا عصمة تمنعه عن الخطإ.
ولهذا ذهب بعض الحنابلة : إلى أنه لا ينفذ الحكم في حال الغضب ، لثبوت النهي عنه. والنهي يقتضي الفساد.