(عن زيد بن خالد الجهني ، أن النبي صلى الله عليه ) وآله (وسلم قال : ألا أخبركم بخير الشهداء ؟ ) جمع : " شهيد ". كظرفاء ، جمع : " ظريف ". ويجمع أيضا على : " شهود ".
[ ص: 422 ] والمراد بخيرهم : أكملهم في رتبة الشهادة ، وأكثرهم ثوابا عند الله. (الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها ) .
وفي رواية : " قبل أن يستشهد ".
وهذه هي شهادة الحسبة. فشاهدها خير الشهداء ، لأنه لو لم يظهرها لضاع حكم من أحكام الدين ، وقاعدة من قواعد الشرع المبين.
وقيل : إن ذلك في الأمانة والوديعة ليتيم ، لا يعلم مكانها غيره. فيخبر بما يعلم من ذلك.
قال النووي : في المراد بهذا الحديث تأويلان ؛ أصحهما ، وأشهرهما : تأويل مالك ، وأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنه محمول على من عنده شهادة لإنسان بحق ، ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد ، فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له.
والثاني : أنه محمول على شهادة الحسبة. وذلك في غير حقوق الآدميين المختصة بهم. فمما تقبل فيه شهادة الحسبة : الطلاق ، والعتاق ، والوقف ، والوصايا العامة ، والحدود ، ونحو ذلك.
فمن علم شيئا من هذا النوع : وجب عليه رفعه إلى القاضي ، وإعلامه به ، والشهادة. قال تعالى : وأقيموا الشهادة لله .
[ ص: 423 ] وكذا في النوع الأول ، يلزم من عنده شهادة لإنسان لا يعلمها : أن يعلمه إياها ، لأنها أمانة له عنده.
وحكي تأويل ثالث : أنه محمول على المجاز ، والمبالغة في أداء الشهادة. بعد طلبها ، لا قبله. كما يقال : الجواد يعطي قبل السؤال. أي : سريعا من غير توقف.