وسأله عن ضالة الإبل؟ فقال: "ما لك ولها؟ دعها فإن معها حذاءها وسقاءها. ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها".
وسأله عن الشاة فقال: "خذها، فإنما هي لك، أو لأخيك، أو للذئب" ]
(الشرح)
(عن زيد بن خالد الجهني ) "صاحب رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم " يقول : سئل رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم عن اللقطة. الذهب والورق ؟ ، فقال : اعرف وكاءها ) بكسر الواو [ ص: 426 ] والمد : هو الخيط الذي يشد به الوعاء. يقال : أوكيته إيكاء ، فهو موكى. بلا همز.
قال في النيل : ومن قال : " الوكا " بالقصر. فهو وهم.
(وعفاصها ) بكسر العين ، وبالفاء والصاد المهملة. وهو : "الوعاء الذي تكون فيه النفقة " جلدا كان ، أو غيره. مأخوذ من " العفص " ، وهو الثني. لأن الوعاء يثنى على ما فيه.
قال النووي : ويطلق على " الجلد " الذي يكون على رأس القارورة ، لأنه كالوعاء له. فأما الذي يدخل في فم القارورة ، من خشب أو جلد ، أو خرقة مجموعة ، ونحو ذلك : فهو "الصمام ) بكسر الصاد. يقال : " عفصتها عفصة " : إذا شددت العفاص عليها. " وأعفصتها إعفاصا " : إذا جعلت لها عفاصا. انتهى .
زاد في النيل : فحيث يذكر " العفاص " مع الوعاء ، فالمراد : الثاني. وحيث يذكر مع الوكاء ، فالمراد به : الأول. كذا في الفتح ، وفي زوائد المسند : " وخرقتها " بدل " عفاصها ".
(ثم عرفها سنة ) بتشديد الراء وكسرها. معناه : إذا أخذتها ، فعرفها سنة. أي: اذكرها للناس.
فأما الأخذ ، هل هو واجب أم مستحب ؟ فيه مذاهب ؛ [ ص: 427 ] أصحها عند الشافعية : يستحب.
وقال في الفتح : من ضاعت له نفقة ، ونحو ذلك من العبارات. ولا يذكر شيئا من الصفات.
قال في النيل : ولا يشترط أن يعرفها بنفسه. بل يجوز له : توكيل غيره.
وظاهره : أنه لا يجب التعريف بعد السنة. وبه قال الجمهور. وادعى في البحر الإجماع على ذلك.
(فإن لم تعرف فاستنفقها. ولتكن وديعة عندك ) .
والمراد بكونها وديعة : أنه يجب ردها بعد الاستنفاق.
[ ص: 428 ] ويستفاد من تسميتها وديعة : أنها لو تلفت لم يكن عليه ضمانها. قال في الفتح : وهو اختيار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، تبعا لجماعة من السلف.
(فإن جاء طالبها يوما من الدهر ، فأدها إليه ) أي : ادفعها إليه. وإلا فيجوز لك أن تتملكها.
(دعها فإن معها حذاءها ) بكسر المهملة ، بعدها ذال مع المد. أي : خفها. لأنها تقوى بها على السير وقطع المفاوز.
(وسقاءها ) أي : جوفها. وقيل : عنقها.
فيه : إشارة إلى استغنائها عن الحفظ لها ، بما ركب في طباعها ، من الجلادة على العطش ، وتناول المأكول بغير تعب ، لطول عنقها. فلا تحتاج إلى ملتقط.
قال النووي : معناه : أنها تقوى على ورود المياه ، وتشرب في اليوم الواحد وتملأ كرشها ، بحيث يكفيها الأيام.
(ترد الماء ، وتأكل الشجر ، حتى يجدها ربها ) .
[ ص: 429 ] فيه : جواز قول : "رب المال ، ورب المتاع ، ورب الماشية "، بمعنى : "صاحبها الآدمي " قال النووي : وهذا هو الصحيح ، الذي عليه جماهير العلماء. ومنهم : من كره إضافته إلى ما له روح ، دون المال والدار ونحوه. وهذا غلط ، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : " فإن جاء ربها ، فأدها إليه " ، وحتى يلقاها ربها. وحتى يجدها ربها. وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر "رب الصريمة والغنيمة ". ونظائر ذلك كثيرة.
(وسأله عن الشاة ؟ فقال : خذها. فإنما هي لك ، أو لأخيك ، أو للذئب ) .
معناه : الإذن في أخذها ، بخلاف الإبل. كأنه قال : هي ضعيفة لعدم الاستقلال ، معرضة للهلاك ، مترددة بين أن تأخذها أنت ، أو أخوك.
والمراد بالذئب : جنس ما يأكل الشاة ، من السباع.
قال النووي : ثم إذا أخذها ، وعرفها سنة ، وأكلها. ثم جاء صاحبها : لزمته غرامتها ، عندنا وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا تلزم لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يذكر له غرامة.
وأجيب : بأنه لم يذكر الغرامة ولا نفاها. وقد عرف وجوبها بدليل آخر.