قال ابن رسلان : الضيافة من مكارم الأخلاق ، ومحاسن الدين. وليست واجبة عند عامة العلماء.
قال النووي : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، والجمهور : "هي سنة ". وقال nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : هي واجبة "يوم وليلة " على أهل البادية ، وأهل القرى. دون أهل المدن. وتأول الجمهور هذه الأحاديث وأشباهها : على الاستحباب ، وتأكد حق الضيف. وتأولها nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : على المضطر. انتهى.
[ ص: 439 ] وأقول : الحق وجوب الضيافة لأمور ؛ الأول : إباحة العقوبة بأخذ المال لمن ترك ذلك. وهذا لا يكون في غير واجب.
والثاني : التأكيد البالغ ، بجعل ذلك فرع الإيمان. لقوله صلى الله عليه وآله وسلم ، في حديث آخر : nindex.php?page=hadith&LINKID=675179 "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم ضيفه جائزته " الحديث. وهذا يفيد : أن فعل خلافه ، فعل من لا يؤمن بالله واليوم الآخر. ومعلوم : أن فروع الإيمان مأمور بها. ثم تعليق ذلك بالإكرام " وهو أخص من الضيافة " : دال على لزومها بالأولى.
والثالث : قوله صلى الله عليه وآله وسلم ، في حديث آخر : " فما كان وراء ذلك ، فهو صدقة " فإنه صريح : أن ما قبل ذلك ، غير صدقة. بل واجب شرعا. قال nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير : " الجائزة " العطية. أي : يقري ضيفه ثلاثة أيام ثم يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة.
والرابع : قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليلة الضيف حق واجب". فهذا تصريح بالوجوب. ولم يأت ما يدل على تأويله.
( [ ص: 440 ] وإذا تقرر هذا : تقرر ضعف ما ذهب إليه الجمهور ، وكانت أحاديث الضيافة : مخصصة لأحاديث حرمة الأموال إلا بطيبة الأنفس ، ولحديث ليس في المال حق ، سوى الزكاة.
قال في النيل : ومن التعسفات : حمل أحاديث الضيافة على سد الرمق. فإن هذا مما لم يقم عليه دليل ، ولا دعت إليه الحاجة. وكذلك : تخصيص الوجوب بأهل الوبر ، دون أهل المدن ، استدلالا بما يروى : أن الضيافة على أهل الوبر. قال النووي وغيره من الحفاظ : إنه حديث موضوع ، لا أصل له.
(ولا يحل لرجل مسلم : أن يقيم عند أخيه ) أي : بعد الثلاث (حتى يؤثمه ) . أي : يوقعه في الإثم. لأنه قد يغتابه لطول مقامه ، أو يعرض له بما يؤذيه ، أو يظن به ما لا يجوز. وقد قال تعالى : اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم .
قال النووي : وهذا كله ، محمول على ما إذا أقام بعد الثلاث ، من غير استدعاء من المضيف. أما إذا استدعاه ، وطلب زيادة إقامته ، أو علم أو ظن : أنه لا يكره إقامته : فلا بأس بالزيادة. لأن النهي إنما كان لكونه يؤثمه ، وقد زال هذا المعنى والحالة هذه.
[ ص: 441 ] فلو شك في حال المضيف ، " هل تكره الزيادة ويلحقه بها حرج أم لا ؟ " : لم تحل الزيادة إلا بإذنه ، لظاهر الحديث. والله أعلم.