والذي نفس محمد بيده! لولا أن يشق على المسلمين، ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا. ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني.
والذي نفس محمد بيده! لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل .
[ ص: 458 ] (الشرح)
(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة) رضي الله عنه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تضمن الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا جهادا في سبيلي) هكذا هو في أكثر النسخ: " جهادا " بالنصب. وكذا قال بعده: (وإيمانا بي، وتصديقا برسلي) وهو منصوب على أنه مفعول له. وتقديره: لا يخرجه المخرج، ويحركه المحرك: إلا للجهاد والإيمان والتصديق.
وفي بعضها: بالرفع. ومعناه: لا يخرجه إلا الجهاد، ومحض الإيمان والإخلاص لله تعالى.
(فهو علي ضامن أن أدخله الجنة) . في "ضامن " هنا وجهان؛ أحدهما: أنه بمعنى " مضمون ". كماء دافق. أي: مدفوق. والثاني: أنه بمعنى " ذو ضمان ".
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : "اليد" هنا: بمعنى القدرة والملك. وأقول: هي عندنا "صفة " من صفات ربنا. لا نؤولها بالقدرة، ولا بالملك. بل نكل علمها إلى الله سبحانه، مع الإيمان بما جاء عن الله وعن رسوله بلا تعطيل ولا تمثيل. وعلى هذا درج السلف الصالح.
(لونه: لون دم. وريحه: ريح مسك) .
قال النووي : وفيه دليل على أن الشهيد لا يزول عنه الدم بغسل ولا غيره. والحكمة في مجيئه يوم القيامة على هيئته: أن يكون معه شاهد فضيلته، وبذله نفسه في طاعة الله تعالى. ونحوه في الفتح.
(والذي نفس محمد بيده ! لولا أن يشق على المسلمين، ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا) أي: خلفها وبعدها.
[ ص: 462 ] عنهم وفيه: ما كان عليه -صلى الله عليه وآله وسلم- من الشفقة على المسلمين؛ والرأفة بهم. وأنه كان يترك بعض ما يختاره، للرفق بالمسلمين. وأنه إذا تعارضت المصالح، بدأ بأهمها.