(عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ) رضي الله عنه؛ (أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم، فقال: أي الناس أفضل ؟ فقال: " رجل يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه ") .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : هذا عام مخصوص. وتقديره: هذا من أفضل الناس. وإلا فالعلماء أفضل. وكذا الصديقون. كما جاءت به الأحاديث.
(قال: ثم من ؟ قال: مؤمن في شعب من الشعاب) .
" الشعب ": ما انفرج بين جبلين. وليس المراد: نفس الشعب خصوصا. بل المراد: الانفراد والاعتزال. وذكر الشعب مثالا؛ لأنه خال عن الناس غالبا.
(يعبد ربه، ويدع الناس من شره) .
فيه: دليل لمن قال بتفضيل العزلة على الاختلاط. وفي ذلك خلاف مشهور؛ فمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأكثر العلماء: أن الاختلاط أفضل، بشرط رجاء السلامة من الفتن.
[ ص: 466 ] ومذهب طوائف: أن الاعتزال أفضل.
وأجاب الجمهور عن هذا الحديث: بأنه محمول على العزلة في زمن الفتن والحروب. أو هو فيمن لا يسلم الناس منه، ولا يصبر عليهم. أو نحو ذلك من الخصوص.
وقد كانت الأنبياء عليهم السلام، وجماهير الصحابة والتابعين، والعلماء، والزهاد: مختلطين. فيحصلون منافع الاختلاط كشهود الجمعة، والجماعة، والجنائز، وعيادة المرضى، وحلق الذكر، وغير ذلك. قاله النووي .
وأقول: أفضلية الخلطة والعزلة، تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمنة والأمكنة. وكلاهما ثابت بالسنة الصحيحة. فلا يجوز إهمال دليل لإعمال دليل. بل لكل وجهة هو موليها؛ فإذا كان في الخلطة نفع في الدين، وحسنة في الدنيا؛ فهي أفضل.
وإذا كان فيها آفة في الدين، وفتنة في الدنيا: فالعزلة أحسن. كهذا الزمان الحاضر، الذي ملئ بالفتن، وصارت الاستقامة فيه على شرائع الإسلام ومراتب الدين: أشد من القبض على الجمر.