(عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب) رضي الله عنه؛ (قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: " إنما الأعمال بالنية ".) قال جماهير العلماء؛ من أهل العربية، والأصول، وغيرهم: لفظة " إنما ": موضوعة للحصر، تثبت المذكور وتنفي ما سواه. فتقدير هذا الحديث: أن الأعمال تحسب بنية، ولا تحسب إذا كانت بلا نية.
قال النووي : وفيه دليل على أن الطهارة، وهي الوضوء والغسل [ ص: 485 ] والتيمم؛ لا تصح إلا بالنية. وكذلك الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والاعتكاف، وسائر العبادات.
قال: وأما إزالة النجاسات، فالمشهور عندنا: أنها لا تفتقر إلى نية. لأنها من باب التروك. والترك لا يحتاج إلى نية. وقد نقلوا الإجماع فيها. وأوجبها بعض أصحابنا. وهو باطل.
قال: وتدخل النية في الطلاق، والعتاق، والقذف. ومعنى دخولها: أنها إذا قارنت كناية، صارت كالصريح.
وإن أتى بصريح طلاق، ونوى طلقتين، أو ثلاثا: وقع ما نوى.
وإن نوى بالصريح غير مقتضاه، دين فيما بينه وبين الله تعالى. ولا يقبل منه في الظاهر. والله أعلم.
(وإنما لامرئ ما نوى) . قالوا: فائدة ذكره بعد " إنما الأعمال بالنية": بيان أن تعيين المنوي شرط. فلو كان على إنسان صلاة مقضية، لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة. بل يشترط أن ينوي كونها ظهرا، وغيرها. ولولا اللفظ الثاني، لاقتضى الأول: صحة النية بلا تعيين، أو أوهم ذلك.
(فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله) .
أي: من قصد بهجرته " وجه الله ": وقع أجره على الله.
[ ص: 486 ] (ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) أي: ومن قصد بها دنيا، أو امرأة: فهي حظه، ولا نصيب له في الآخرة، بسبب هذه الهجرة.
وأصل الهجرة: " الترك ". والمراد هنا: ترك الوطن. وذكر المرأة مع الدنيا، يحتمل وجهين؛ أحدهما: أنه جاء أن سبب هذا الحديث: أن رجلا هاجر، ليتزوج امرأة يقال لها: " أم قيس ". فقيل له: " مهاجر أم قيس ".
والثاني: أنه للتنبيه على زيادة التحذير من ذلك. وهو من باب ذكر الخاص بعد العام؛ تنبيها على مزيته. والله أعلم.
قال النووي : أجمع المسلمون: على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده، وصحته. قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وآخرون: هو ثلث الإسلام. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يدخل في سبعين بابا من الفقه. وقال آخرون: هو ربع الإسلام.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي وغيره: ينبغي لمن صنف كتابا أن يبدأ فيه بهذا الحديث؛ تنبيها للطالب على تصحيح النية. ونقل الخطابي هذا عن الأئمة مطلقا. وقد فعل ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره؛ فابتدأوا به قبل كل شيء. وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في سبعة مواضع من كتابه.
قال الحفاظ: ولم يصح هذا الحديث، عن النبي صلى الله عليه [ ص: 487 ] وآله وسلم: إلا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب. ولا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: إلا من رواية علقمة بن وقاص. ولا عن علقمة: إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمي. ولا عن محمد: إلا من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري. وعن يحيى انتشر؛ فرواه عنه أكثر من مائتي إنسان، أكثرهم أئمة.
ولهذا قال الأئمة: ليس هو متواترا، وإن كان مشهورا عند الخاصة والعامة. لأنه فقد شرط التواتر في أوله.
وفيه " طرفة " من طرف الإسناد: فإنه رواه ثلاثة تابعيون، بعضهم عن بعض: يحيى، ومحمد، وعلقمة.
انتهى كلام " النووي " رحمه الله تعالى.
وهذا الحديث: له شرح طويل، في كتب شروح الحديث. وقد أطلنا الكلام عليه، في شرحنا لتجريد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، المسمى: " بعون الباري ". وشرحه العلامة " ابن رجب "، في شرح الأربعين للنووي. وكذا غيره، في غيره.
وهو من الأحاديث المباركة، الجامعة لأنواع من العلوم والفقهيات، لا غنى عن بركته لأحد من أهل الإسلام.