وإنما جمع في هذه الألفاظ، بين الشيء وضده؛ لأنه قد يفعلهما في وقتين. فلو اقتصر على ( يسروا "، ) لصدق ذلك على من يسر مرة [ ص: 561 ] أو مرات، وعسر في معظم الحالات. فإذا قال: (" ولا تعسروا "، ) انتفى التعسير في جميع الأحوال، من جميع وجوهه. وهذا هو المطلوب.
وكذا يقال في: " يسرا ولا تنفرا. وتطاوعا ولا تختلفا "؛ لأنهما قد يتطاوعان في وقت، ويختلفان في وقت. وقد يتطاوعان في شيء، ويختلفان في شيء.
وفيه: تأليف من قرب إسلامه، وترك التشديد عليه. وكذلك من قارب البلوغ من الصبيان، ومن بلغ، ومن تاب من المعاصي: كلهم يتلطف بهم، ويدرجون في أنواع الطاعة قليلا قليلا. وقد كانت أمور الإسلام في التكليف على التدريج. فمتى يسر على الداخل في الطاعة، أو المريد للدخول فيها: سهلت عليه، وكانت عاقبته - غالبا -: التزايد منها. ومتى عسرت عليه: أوشك أن لا يدخل فيها. وإن دخل: أوشك أن لا يدوم، أو لا يستحليها.
وفيه: أمر الولاة بالرفق، واتفاق المتشاركين في ولاية ونحوها.
[ ص: 562 ] وهذا من المهمات، فإن غالب المصالح: لا يتم إلا بالاتفاق. ومتى حصل الاختلاف، فات.
وفيه: وصية الإمام الولاة، وإن كانوا أهل فضل وصلاح؛ كمعاذ، nindex.php?page=showalam&ids=110وأبي موسى. فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
وهذا الحديث: مما استدركه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني . وأجاب عنه النووي . فراجعه.