(عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد) رضي الله عنه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: لكل غادر لواء يوم القيامة، يرفع له بقدر غدره) .
" اللواء " الراية العظيمة، لا يمسكها إلا صاحب جيش الحرب، أو صاحب دعوة الجيش. ويكون الناس تبعا له. قالوا: فمعنى لكل [ ص: 604 ] غادر لواء: أي علامة يشهر بها في الناس. لأن موضوع اللواء: الشهرة بمكان الرئيس، علامة له. وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق الحفلة، لغدرة الغادر، لتشهيره بذلك.
وأما " الغادر "؛ فهو الذي يواعد على أمر ولا يفي به. يقال: "غدر يغدر"، بكسر الدال في المضارع.
(ألا، ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة) .
والحديث له ألفاظ وطرق عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره. وفيها بيان غلظ تحريم الغدر، لا سيما من صاحب الولاية العامة. لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثيرين.
وقيل: لأنه غير مضطر إلى الغدر، لقدرته على الوفاء. كما جاء في الحديث الصحيح في تعظيم كذب الملك.
والمشهور: أن هذا الحديث وارد في ذم الإمام الغادر. وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض احتمالين:
أحدهما: هذا. وهو نهي الإمام: أن يغدر في عهوده لرعيته، وللكفار وغيرهم. أو غدره للأمانة التي قلدها لرعيته، والتزم القيام [ ص: 605 ] بها، والمحافظة عليها. ومتى خانهم، أو ترك الشفقة عليهم، أو الرفق بهم: فقد غدر بعهده.
والاحتمال الثاني: أن يكون المراد: نهي الرعية عن الغدر بالإمام.
فلا يشقوا عليه العصا، ولا يتعرضوا لما يخاف حصول فتنة بسببه. والصحيح: الأول. والله أعلم.