قال: فغزا، فأدنى للقرية حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك . فقال للشمس: أنت مأمورة، وأنا مأمور. اللهم! احبسها علي شيئا. فحبست عليه، حتى فتح الله عليه. قال: فجمعوا ما غنموا، فأقبلت النار لتأكله، فأبت أن تطعمه. فقال: فيكم غلول، فليبايعني من كل قبيلة رجل . فبايعوه، فلصقت يد رجل بيده، فقال: فيكم الغلول. فلتبايعني قبيلتك. فبايعته. قال: فلصقت بيد رجلين، أو ثلاثة، فقال: فيكم الغلول. أنتم غللتم. قال: فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب. قال: فوضعوه في المال، وهو بالصعيد، فأقبلت النار فأكلته. فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا . ذلك بأن الله "تبارك وتعالى" رأى ضعفنا وعجزنا، فطيبها لنا " ].
[ ص: 641 ] (الشرح)
(عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة) رضي الله عنه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: غزا نبي من الأنبياء) عليهم السلام، (فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأته) بضم الباء: هو فرج المرأة. (وهو يريد أن يبني بها، ولما يبن. ولا آخر قد بنى بنيانا، ولما يرفع سقفها. ولا آخر قد اشترى غنما، أو خلفات) بفتح الخاء وكسر اللام، وهي الحوامل. (وهو منتظر ولادها) .
وفي هذا الحديث: أن الأمور المهمة، ينبغي أن لا تفوض إلا إلى أولي الحزم وفراغ البال لها. ولا تفوض إلى متعلق القلب بغيرها. لأن ذلك يضعف عزمه، ويفوت كمال بذل وسعه فيه.
(قال: فغزا، فأدنى للقرية) هكذا هو في جميع النسخ: " فأدنى " بهمزة قطع. قال القاضي: "فأدنى "، رباعي إما أن يكون تعدية. لـ "دنا ". أي: قرب. فمعناه: أدنى جيوشه وجموعه للقرية. وإما أن يكون " أدنى" بمعنى "حان ". أي: قرب فتحها. من قولهم: " أدنت الناقة " إذا حان نتاجها. ولم يقولوه في غير الناقة.
(حين صلاة العصر، أو قريبا من ذلك. فقال للشمس: أنت [ ص: 642 ] مأمورة، وأنا مأمور. اللهم احبسها علي شيئا. قال: فحبست عليه، حتى فتح الله القرية) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : اختلف في حبس الشمس المذكور هنا؛ فقيل: ردت على أدراجها. وقيل: وقفت ولم ترد.
وقيل: أبطئ بحركتها. وكل ذلك من معجزات النبوة. قال: ويقال: إن الذي حبست عليه الشمس: " يوشع بن نون ".
قال: وقد روي أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: حبست له الشمس مرتين:
إحداهما: يوم الخندق. حين شغلوا عن صلاة العصر، حتى غربت. فردها الله عليه، حتى صلى العصر. ذكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي. وقال: رواته ثقات.
والثانية: صبيحة يوم الإسراء. حين انتظر العير التي أخبر بوصولها مع شروق الشمس. ذكره يونس بن بكير، في زيادته على سيرة nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق. انتهى.
قلت: إن ثبت هذا، ثبت أن الله تعالى جمع لنبينا صلى الله عليه [ ص: 643 ] وآله وسلم الشمس والقمر في الإعجاز، حيث حبس هذه له، وشق هذا بإشارة يده الكريمة. وهذا أبلغ في المعجزات. والله أعلم.
(قال: فجمعوا ما غنموا، فأقبلت النار لتأكله، فأبت أن تطعمه. فقال: فيكم غلول. فليبايعني من كل قبيلة رجل. فبايعوه، فلصقت يد رجل بيده. فقال: فيكم الغلول. فلتبايعني قبيلتك. فبايعته. قال: فلصقت بيد رجلين، أو ثلاثة) فقال. فيكم الغلول. أنتم غللتم. قال: فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب. قال: فوضعوه في المال، وهو بالصعيد) يعني: وجه الأرض.
(فأقبلت النار فأكلته) .
قال النووي : هذه كانت عادة الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، في الغنائم، أن يجمعوها، فتجيء نار من السماء فتأكلها، فيكون ذلك علامة لقبولها وعدم الغلول. فلما جاءت في هذه المرة، وأبت أن تأكلها: علم أن فيهم غلولا. فلما ردوه، جاءت فأكلتها. وكذلك كان أمر قربانهم. إذا تقبل، جاءت نار من السماء فأكلته.
(فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا. ذلك بأن الله تعالى، رأى ضعفنا وعجزنا، فطيبها لنا) .