وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ؛ فقال أبو بكر : كلا، لا يعطيه أضيبع من قريش ، ويدع أسدا من أسد الله
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث لأول مال تأثلته ] .
(الشرح)
(عن أبي قتادة) رضي الله عنه: (قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم عام حنين. فلما التقينا، كانت للمسلمين جولة) بفتح الجيم وسكون الواو. أي: حركة، فيها اختلاط. وهذه الجولة كانت قبل الهزيمة.
وقال النووي : "جولة"، أي انهزام وخيفة، ذهبوا فيها. وهذا إنما كان في بعض الجيش. وأما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وطائفة معه: فلم يولوا، والأحاديث الصحيحة بذلك مشهورة. وقد نقلوا إجماع المسلمين، على أنه لا يجوز أن يقال: انهزم النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولم يرو أحد قط: أنه انهزم بنفسه صلى الله عليه [ ص: 651 ] وآله وسلم، في موطن من المواطن. بل ثبتت الأحاديث الصحيحة بإقدامه وثباته، صلى الله عليه وآله وسلم، في جميع المواطن. انتهى.
(قال: فرأيت رجلا من المشركين، قد علا رجلا من المسلمين) . يعني: ظهر عليه، وأشرف على قتله. أو صرعه، وجلس عليه لقتله.
قال الحافظ في الفتح: لم أقف على اسميهما.
(فاستدرت إليه، حتى أتيته من ورائه، فضربته على حبل عاتقه) هو ما بين العنق والكتف.
قال في النيل: " حبل العاتق ": عصبه. " والعاتق ": موضع الرداء من المنكب.
(وأقبل علي فضمني ضمة، وجدت منها ريح الموت) أي: شدة كشدة الموت. أو قاربت الموت. وأشعر ذلك: بأن هذا المشرك، كان شديد القوة جدا.
(ثم أدركه الموت فأرسلني) أي: أطلقني.
(فلحقت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب)، رضي الله عنه .
في السياق: حذف تبينه الرواية الأخرى، من حديثه في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره، بلفظ: "ثم قتلته. وانهزم المسلمون، وانهزمت معهم، [ ص: 652 ] فإذا بعمر بن الخطاب إلخ ". فقال: ما للناس ؟ فقلت: أمر الله عز وجل) أي: حكم الله وما قضى به.
" السلب " بفتح السين واللام، بعدها موحدة: هو ما يوجد مع المحارب، من ملبوس وغيره، عند الجمهور.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: لا تدخل فيه الدابة.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: يختص بأداة الحرب.
وقد اختلف أهل العلم، في معنى هذا الحديث؛ فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور؛ nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وإسحاق، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير، وغيرهم: يستحق القاتل سلب القتيل؛ في جميع الحروب. سواء قال أمير الجيش قبل ذلك: من قتل قتيلا فله سلبه، أم لم يقل ذلك. قالوا: وهذه فتوى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإخبار عن حكم الشرع، فلا يتوقف على قول أحد.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة، والمالكية: لا يستحق القاتل بمجرد القتل سلب القتيل. بل هو لجميع الغانمين، كسائر الغنيمة. إلا أن يقول الأمير قبل القتال: " من قتل قتيلا فله سلبه ". وحملوا الحديث على هذا. وجعلوا هذا إطلاقا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس بفتوى. وإخبار عام.
[ ص: 653 ] قال النووي : وهذا الذي قالوه ضعيف. لأنه صرح في هذا الحديث: بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال هذا، بعد الفراغ من القتال، واجتماع الغنائم. والله أعلم. ثم إن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، يشترط في استحقاقه: أن يتفرد بنفسه، في قتل كافر ممتنع في حال القتال. والأصح. أن القاتل لو كان ممن له رضخ ولا سهم له، كالمرأة والصبي والعبد: استحق السلب.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: لا يستحقه إلا المقاتل.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، والشاميون: لا يستحق السلب، إلا في قتيل قتله قبل التحام الحرب. فأما من قتل في التحام الحرب، فلا يستحقه.
واستدل من قال: " إنه لا خمس فيه ": بحديث nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك، وخالد، وحديث الباب. وجعلوها مخصصة لعموم الآية. وهو الصواب.
وفي قوله: " له عليه بينة، فله سلبه ": تصريح بالدلالة لمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث، ومن وافقهما من المالكية وغيرهم: أن السلب، لا يعطى إلا لمن له بينة بأنه قتله، ولا يقبل قوله بغير بينة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي: يعطى بقوله بلا بينة. لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطاه السلب في هذا الحديث، بقول واحد، ولم يحلفه.
والجواب: أن هذا محمول على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم أنه القاتل، بطريق من الطرق. وقد صرح بالبينة، فلا تلغى.
فهذا الذي تقدم، هو المعتمد في دليل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي. وأما ما يحتج به بعضهم: أن nindex.php?page=showalam&ids=60أبا قتادة، إنما يستحق السلب بإقرار من هو في يده، [ ص: 655 ] فضعيف. لأن الإقرار إنما ينفع، إذا كان المال منسوبا إلى من هو في يده؛ فيؤخذ بإقراره. والمال هنا منسوب إلى جميع الجيش، ولا يقبل إقرار بعضهم على الباقين. والله أعلم.
(قال: فقمت، فقلت: من يشهد لي ؟ ثم جلست. ثم قال مثل ذلك. قال: فقمت، من يشهد لي ؟ ثم جلست. ثم قال ذلك، الثالثة. قال: فقمت، فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: " ما لك ؟ يا nindex.php?page=showalam&ids=60أبا قتادة ! فقصصت عليه القصة. فقال رجل من القوم: صدق، يا رسول الله ! " سلب ذلك القتيل عندي. فأرضه من حقه. فقال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق) رضي الله عنه: (لاها الله ! إذا) هكذا هو في جميع روايات المحدثين وغيرهم: "لاها الله إذا " بالألف وأنكر nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي هذا، وأهل العربية وقالوا: هو تغيير من الرواة. وصوابه: "لاها الله ذا " بغير ألف في أوله. قالوا: "وها " معنى الواو التي يقسم بها. فكأنه قال: " لا والله ! ذا ".
قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري: معناه: "لاها الله ذا يميني " أو ذا قسمي.
وقال أبو زيد: "ذا" زائدة. وفي "ها"، لغتان: المد، والقصر.
[ ص: 656 ] قالوا: ويلزم الجر بعد " ها " كما يلزم بعد الواو. قالوا: ولا يجوز الجمع بينهما. فلا يقال: "لاها والله ".
وقد أطال في النيل، في تحقيق هذه اللفظة، إلى ورقة. ثم قال: إن الراجح: أن "إذا " الواقعة في حديث الباب وما شابهها: حرف جواب وجزاء. والتقدير: "لا والله ! حينئذ ".
ثم أراد بيان السبب في ذلك، فقال: (لا يعمد إلى أسد من أسد الله) . أي: لا يقصد رسول الله، إلى رجل كأنه أسد في الشجاعة. وضبطوه بالياء والنون. وكذا قوله بعده " فيعطيك " بالياء والنون. قال النووي : وكلاهما ظاهر.
(يقاتل عن الله وعن رسوله صلى الله عليه) وآله (وسلم) . أي: يقاتل في سبيل الله، نصرة لدين الله وشريعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولتكون كلمة الله هي العليا.
(فيعطيك سلبه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صدق) .
وفي هذا الحديث: فضيلة ظاهرة nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، في إفتائه بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستدلاله لذلك، وتصديق النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك.
وفيه: منقبة ظاهرة لأبي قتادة. فإنه سماه: أسدا من أسد الله تعالى، [ ص: 657 ] يقاتل عن الله ورسوله، وصدقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وهذه منقبة جليلة من مناقبه.
وفيه: أن السلب للقاتل، لأنه أضافه إليه، باعتبار أنه ملكه. فقال: " يعطيك سلبه ". والله أعلم.
(فأعطه إياه. فأعطاني. قال: فبعت الدرع فابتعت به مخرفا، في بني سلمة) بكسر اللام. وهم بطن من الأنصار، من قوم أبي قتادة.
" والمخرف"، بفتح الميم والراء. وهذا هو المشهور. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : رويناه: بفتح الميم وكسر الراء. كالمسجد والمسكن، بكسر الكاف.
والمراد " بالمخرف " هنا: البستان.
وقيل: السكة من النخل، تكون صفين. يخرف من أيها شاء. أي: يجتني. وقال ابن وهب: هي الجنينة الصغيرة. وقال غيره: هي نخلات يسيرة.
وأما " المخرف"، بكسر الميم وفتح الراء، فهو الوعاء الذي يجعل فيه ما يجتنى من الثمار.
ويقال: " اخترف الثمر ": إذا جناه، وهو ثمر مخروف.
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي: أن الذي اشتراه منه: " nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة.
وأن الثمن كان سبع أواق.
(فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام) . هو بالثاء بعد الألف. أي اقتنيته وتأصلته. وأثلة الشيء: أصله.
[ ص: 658 ] تم بحمد الله " الجزء السادس " ويليه الجزء السابع إن شاء الله، وأوله باب (إعطاء السلب بعض القاتلين بالاجتهاد) .