[ ص: 46 ] قالوا : وليس المراد بهذا اللفظ، النهي . لأنه إنما ينهى عما يمكن وقوعه. وإرثه صلى الله عليه وآله وسلم غير ممكن. وإنما هو بمعنى الإخبار . ومعناه : لا يقتسمون شيئا ، لأني لا أورث . هذا هو الصحيح المشهور من مذاهب العلماء في معنى الحديث . وبه قال جماهيرهم .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، وبعض أهل البصرة : أنهم قالوا : إنما لم يورث ، لأن الله تعالى خصه أن جعل ماله كله صدقة .
والصواب : الأول . وهو الذي يقتضيه سياق الحديث . ثم إن جمهور العلماء على أن جميع الأنبياء عليهم السلام، لا يورثون .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، أنه قال : عدم الإرث بينهم مختص بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، لقوله تعالى عن زكريا يرثني ويرث من آل يعقوب . وزعم أن المراد : وراثة المال .
قال النووي : والصواب ما حكيناه عن الجمهور ; أن جميع الأنبياء لا يورثون . والمراد بقصة زكريا وداود : وراثة النبوة . وليس المراد حقيقة الإرث ، بل قيامه مقامه وحلوله مكانه. والله أعلم . انتهى .
[ ص: 47 ] وإن شئت مزيد الاطلاع على معنى الآيات ، فراجع تفسيرنا "فتح البيان ".
والمراد بالعامل في قوله : ومؤونة عاملي ;
قيل : هو القائم على هذه الصدقات ، والناظر فيها .
وقيل : كل عامل للمسلمين من خليفة وغيره . لأنه عامل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ونائب عنه في أمته .
وأما مؤونة نسائه صلى الله عليه وآله وسلم ، فسبق بيانها قريبا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض - في تفسير صدقات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، المذكورة في أحاديث هذا الباب - : صارت إليه بثلاثة حقوق ;
أحدها : ما وهب له صلى الله عليه وآله وسلم . وذلك وصية " مخيريق " اليهودي له عند إسلامه يوم أحد . وكانت سبع حوائط في بني النضير . وما أعطاه الأنصار من أرضهم ، وهو ما لا يبلغه الماء.
وكان هذا ملكا له ، صلى الله عليه وآله وسلم .
الثاني : حقه من الفيء من أرض بني النضير ، حين أجلاهم . كانت له خاصة . لأنها لم يوجف عليها المسلمون بخيل ولا ركاب .
وأما منقولات بني النضير ، فحملوا منها ما حملته الإبل ، غير السلاح كما صالحهم .
[ ص: 48 ] ثم قسم صلى الله عليه وآله وسلم الباقي بين المسلمين . وكانت الأرض لنفسه ، ويخرجها في نوائب المسلمين .
وكذلك نصف أرض " فدك " . صالح أهلها بعد فتح "خيبر" على نصف أرضها . وكان خالصا له.
وكذلك ثلث أرض وادي القرى . أخذه في الصلح ، حين صالح أهلها اليهود .
وكذلك حصنان من حصون خيبر ، وهما "الوطيخ، والسلالم" ، أخذهما صلحا .
الثالث : سهمه من خمس خيبر ، وما افتتح فيها عنوة .
فكانت هذه كلها ، ملكا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة ، لا حق فيها لأحد غيره. لكنه صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يستأثر بها ، بل ينفقها على أهله والمسلمين ، وللمصالح العامة . وكل هذه صدقات محرمات التملك بعده . والله أعلم بالصواب .