وحدثنيه nindex.php?page=showalam&ids=16471عبد الله بن هاشم حدثنا بهز حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16034سليمان بن المغيرة بهذا الإسناد وزاد في الحديث ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى "احصدوهم حصدا" وقال في الحديث قالوا: قلنا: ذاك. يا رسول الله! قال: "فما اسمي إذا؟ كلا. إني عبد الله ورسوله"] .
(الشرح)
(عن عبد الله بن رباح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة) رضي الله عنهم ; (قال : وفدت وفود إلى nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية . وذلك في رمضان . فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام . وكان nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، مما يكثر أن يدعونا إلى رحله . فقلت : ألا أصنع طعاما ، فأدعوهم إلى رحلي ؟ فأمرت بطعام يصنع . ثم لقيت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة من العشي ، فقلت : الدعوة عندي الليلة . فقال : سبقتني ؟ قلت : نعم . فدعوتهم . فقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة رضي الله عنه : (ألا أعلمكم بحديث من حديثكم ؟ يا معشر الأنصار ! ثم ذكر فتح مكة ، فقال : أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم ، حتى قدم مكة . فبعث nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير على إحدى المجنبتين) بضم الميم وفتح الجيم ، وكسر النون .
[ ص: 187 ] هما : الميمنة ، والميسرة . ويكون القلب بينهما . قال في القاموس " المجنبة "، بفتح النون : المقدمة . " والمجنبتان " بالكسر : الميمنة والميسرة . انتهى .
والمراد هنا : أنه صلى الله عليه وآله وسلم بعث " nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير " ، إما على الميسرة . أو الميمنة .
(وبعث خالدا على المجنبة الأخرى . وبعث nindex.php?page=showalam&ids=5أبا عبيدة على الحسر) بضم الحاء وتشديد السين ، جمع : " حاسر " . وهو من لا سلاح معه . وقال النووي : أي الذين لا دروع عليهم .
(فأخذوا بطن الوادي) . أي : جعلوا طريقهم في بطن الوادي . (ورسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم في كتيبة) . وهي الجيش . (قال : فنظر فرآني . فقال : " nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة " . قلت : لبيك . يا رسول الله ! فقال : "لا يأتيني إلا أنصاري ". زاد غير شيبان : فقال : " اهتف لي بالأنصار ") . أي : ادعهم لي ، واصرخ بهم . قال في القاموس : " هتفت الحمامة تهتف " : صاتت . " وبه هتافا "، بالضم : صاح .
(ووبشت) بالباء الموحدة المشددة ، والشين المعجمة . (قريش أوباشا [ ص: 188 ] لها ، وأتباعا) أي : جمعت جموعا من قبائل شتى . " والأوباش " : الأخلاط والسفالة . كما في القاموس .
فقالوا:نقدم هؤلاء. فإن كان لهم شيء ، كنا معهم . وإن أصيبوا ; أعطينا الذي سئلنا . فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم : ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم " . ثم قال بيديه) ، إحداهما على الأخرى) .
فيه : استعارة القول للفعل . والمراد : أنه أشار بيديه إشارة ، تدل على الأمر منه ، " صلى الله عليه وآله وسلم " : بقتل من يعرض لهم من أوباش قريش .
ثم قال : " حتى توافوني بالصفا " . قال : فانطلقنا . فما شاء أحد منا أن يقتل أحدا ، إلا قتله . وما أحد منهم يوجه إلينا شيئا) . أي : لا يدفع أحد عن نفسه (قال : فجاء أبو سفيان فقال : يا رسول الله ! أبيحت خضراء قريش . لا قريش بعد اليوم) . كذا في هذه الرواية : " أبيحت " وفي أخرى : " أبيدت " . قال النووي : وهما متقاربان . أي : استؤصلت قريش بالقتل ، وأفنيت . " وخضراؤهم " معنى : جماعتهم . ويعبر عن الجماعة المجتمعة : بالسواد والخضرة . ومنه : السواد الأعظم . انتهى .
قال في القاموس : " الخضراء " : سواد القوم ومعظمهم .
[ ص: 189 ] ويجوز في " قريش " : الفتح. لكنه يحتاج إلى تأويل . أي : لاأحد من قريش. لأنه لا يفتح بعد "لا" ، إلا النكرة . والرفع أيضا على أنها بمعنى " ليس " . وهو شاذ . حتى قيل : إنه لم يرد إلا في الشعر .
(قال) : " من دخل دار أبي سفيان ، فهو آمن. استدل به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وموافقوه : على أن دور مكة مملوكة ، يصح بيعها وإجارتها . لأن أصل الإضافة إلى الآدميين تقتضي الملك . وما سوى ذلك مجاز .
وفيه : تأليف nindex.php?page=showalam&ids=12026لأبي سفيان ، وإظهار لشرفه .
(فقالت الأنصار ، بعضهم لبعض : أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ، ورأفة بعشيرته . قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة . وجاء الوحي . وكان إذا جاء الوحي ، لا يخفى علينا . فإذا جاء ، فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم ، حتى ينقضي الوحي . فلما انقضى الوحي ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "يا معشر الأنصار ؟ قالوا : لبيك . يا رسول الله ! قال : " قلتم : أما الرجل فأدركته رغبة في قريته " . قالوا : قد كان ذلك. قال : كلا !) . ومعناها ههنا : " حقا " . ولها معنيان ، أحدهما : " حقا " . والآخر : "النفي". وقوله : (إني عبد الله ورسوله . هاجرت إلى الله وإليكم) . يحتمل المعنيين ;
[ ص: 190 ] أحدهما : إني رسول الله حقا ، فيأتيني الوحي ، وأخبر بالمغيبات ، كهذه القضية وشبهها . فثقوا بما أقول لكم ، وأخبركم به ، في جميع الأحوال .
والآخر : لا تفتتنوني بإخباري إياكم بالمغيبات ، وتطروني كما أطرت النصارى عيسى " صلوات الله عليه " . فإني عبد الله ورسوله .
(المحيا محياكم . والممات مماتكم) . معناه : إني هاجرت إلى الله . وإلى دياركم لاستيطانها . فلا أتركها . ولا أرجع عن هجرتي الواقعة لله تعالى . بل أنا ملازم لكم . ولا أحيا إلا عندكم . ولا أموت إلا عندكم . وهذا أيضا من المعجزات .
فلما قال لهم ذلك ، (فأقبلوا إليه يبكون ويقولون : والله ! ما قلنا الذي قلنا ، إلا الضن بالله وبرسوله) . أي : حرصا عليك ، وعلى مصاحبتك ، ودوامك عندنا ، لنستفيد منك ، ونتبرك بك ، وتهدينا الصراط المستقيم.
" والضن "، بكسر الضاد . معناه : الشح . أي : شكا بك أن تفارقنا ، ويختص بك غيرنا .
وكان بكاؤهم فرحا بما قال لهم ، وحياء مما خافوا أن يكون بلغه عنهم : ما يستحيا منه .
[ ص: 191 ] (فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم : " إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم") .
معنى هذه الجملة : أنهم رأوا رأفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأهل مكة ، وكف القتل عنهم . فظنوا : أنه يرجع إلى سكنى مكة ، والمقام فيها دائما ، ويرحل عنهم ويهجر المدينة ، فشق ذلك عليهم . فأوحى الله تعالى إليه ، صلى الله عليه وآله وسلم ، فأعلمهم بذلك ; فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قلتم : كذا وكذا . قالوا : " نعم " . قلنا هذا . قال النووي : فهذه معجزة من معجزات النبوة .
وفيه : جواز الجمع بين ضمير الله ورسوله . وكذلك وقع الجمع بينهما ، في حديث النهي عن لحوم الحمر الأهلية ، بلفظ : "إن الله ورسوله ينهيانكم " . فلا بد من حمل النهي الواقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب ، "ومن يعصهما فقد غوى" : على من اعتقد التسوية .
(قال : فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان . وأغلق الناس أبوابهم . قال : فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم ، حتى أقبل إلى الحجر ، فاستلمه . ثم طاف بالبيت) .
فيه : الابتداء بالطواف ، في أول دخول مكة . سواء كان محرما بحج أو عمرة ، أو غير محرم . وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، دخلها في هذا اليوم (وهو يوم الفتح) : غير محرم ، بإجماع المسلمين . وكان على رأسه المغفر . والأحاديث متظاهرة على ذلك . والإجماع منعقد عليه .
[ ص: 192 ] وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : أجمع العلماء على تخصيص النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، بذلك . ولم يختلفوا في أن من دخلها بعده ، لحرب أو بغي : أنه لا يحل له دخولها حلالا : فليس كما نقل . بل مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وآخرين : أنه يجوز دخولها حلالا للمحارب بلا خلاف . وكذا لمن يخاف من ظالم ، لو ظهر للطواف وغيره .
وأما من لا عذر له أصلا ، فالأصح : أنه يجوز له دخولها بغير إحرام .
لكن يستحب له الإحرام .
(قال : فأتى على صنم إلى جنب البيت ، كانوا يعبدونه) . وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري : " أن الأصنام كانت ثلاثمائة وستين ".
(قال : وفي يد رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم قوس . وهو آخذ بسية القوس) بكسر السين وتخفيف الياء المفتوحة : المنعطف من طرفي القوس . لأنهما مستويان .
(فلما أتى على الصنم ، جعل يطعن في عينه) بضم العين وبفتحها .
والأول أشهر (ويقول : " جاء الحق وزهق الباطل ") زاد في حديث " ابن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر " عند الفاكهي ، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : "فيسقط الصنم ، ولا يمسه " . nindex.php?page=showalam&ids=14687وللطبراني من حديث " nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس " : (فلم يبق وثن استقبله ، إلا سقط على قفاه " . مع أنها كانت ثابتة في الأرض . قد شد لهم إبليس [ ص: 193 ] أقدامها بالرصاص . وإنما فعل ذلك صلى الله عليه وآله وسلم : إذلالا لها ، ولعابديها . وإظهارا لعدم نفعها . لأنها إذا عجزت عن أن تدفع عن نفسها ، فهي عن الدفع عن غيرها أعجز .
(فلما فرغ من طوافه ، أتى الصفا فعلا عليه ، حتى نظر إلى البيت .
ورفع يديه ، فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء الله أن يدعو) .
وفي هذا الحديث : دليل على أن مكة فتحت عنوة . ومن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أهلها . وقد اختلف أهل العلم في ذلك ; فذهب الأكثرون " ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، وجماهير العلماء ، وأهل السير ، وأحمد بن حنبل " : إلى أنها فتحت عنوة .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد " في رواية " ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : أنها فتحت صلحا . وادعى nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري : أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي انفرد بهذا القول .
واحتج الجمهور : بهذا الحديث . وبقوله : " أبيدت خضراء قريش " .
وبقوله : " من ألقى سلاحه فهو آمن . ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ". فلو كانوا كلهم آمنين ، لم يحتج إلى هذا . وبقوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ : " أجرنا من أجرت ".
واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، بحديث : أنه صلى الله عليه وآله وسلم ، صالحهم بمر الظهران . قبل دخول مكة .
[ ص: 194 ] قال في المنتقى (بعد ما أورد أحاديث هذا الباب) : وأكثر هذه الأحاديث ، تدل على أن الفتح عنوة .
والكلام في هذا يطول جدا . وقد قضى الوطر عنه : قاضي القضاة " محمد بن علي الشوكاني ، رحمه الله تعالى " ، في شرح المنتقى . فراجعه .
ومن أوضح الأدلة ، على أنها فتحت عنوة : قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث آخر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=650101إنما أحلت لي ساعة من نهار " . فإن هذا تصريح بأنها أحلت له في ذلك ، يسفك بها الدماء . وأن حرمتها ذهبت فيه ، وعادت بعده . ولو كانت مفتوحة صلحا ، لما كان لذلك معنى يعتد به . وفي مسند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : " أن تلك الساعة استمرت من صبيحة يوم الفتح ، إلى العصر ".
قال الحافظ في الفتح : والحق أن صورة فتحها ، كانت عنوة .
ومعاملة أهلها ، معاملة من دخل بأمان . انتهى . والله أعلم .