(عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة) رضي الله عنها ; (قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه) وآله وسلم عن الهجرة ؟ فقال : "لا هجرة بعد الفتح " . قالت الشافعية وغيرهم من العلماء : الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام ، باقية إلى يوم القيامة . وتأولوا هذا الحديث تأويلين ;
أحدهما : لا هجرة بعد الفتح من مكة ، لأنها صارت دار إسلام ، فلا تتصور منها الهجرة .
والثاني " وهو الأصح " : أن معناه أن الهجرة الفاضلة المهمة المطلوبة ، التي يمتاز أهلها بها امتيازا ظاهرا : انقطعت بفتح مكة ، ومضت لأهلها الذين هاجروا قبل فتح مكة . لأن الإسلام قوي وعز بعد فتح مكة عزا ظاهرا . بخلاف ما قبله . قاله النووي.
[ ص: 199 ] وفي النيل : أصل الهجرة : " هجر الوطن ". وأكثر ما تطلق : على من رحل من البادية إلى القرية .
(ولكن جهاد ونية) .
قال النووي : معناه : أن تحصيل الخير بسبب الهجرة ، قد انقطع بفتح مكة . ولكن حصلوه بالجهاد والنية الصالحة . قال : وفي هذا : الحث على نية الخير مطلقا . وأنه يثاب على النية . انتهى .
قال الطيبي : وهذا الاستدراك ، يقتضي مخالفة حكم ما بعده لما قبله . والمعنى : (أن الهجرة التي هي مفارقة الوطن ، التي كانت مطلوبة على الأعيان إلى المدينة : انقطعت . إلا أن المفارقة بسبب الجهاد باقية . وكذلك المفارقة بسبب نية صالحة ; كالفرار من دار الكفر ، والخروج في طلب العلم ، والفرار بالدين من الفتن . والنية في جميع ذلك . انتهى .
قالت الشافعية : الجهاد اليوم فرض كفاية . إلا أن ينزل الكفار ببلد المسلمين ، فيتعين عليهم الجهاد . فإن لم يكن في أهل ذلك البلد كفاية ، وجب على من يليهم تتميم الكفاية .
[ ص: 200 ] وأما في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فالأصح عندهم : أنه كان أيضا فرض كفاية . والثاني : أنه كان فرض عين .
واحتج القائلون " بأنه كان فرض كفاية " : بأنه كان تغزو السرايا ، وفيها بعضهم دون بعض . انتهى .