قال nindex.php?page=showalam&ids=48البراء: كنا والله إذا احمر البأس نتقي به وإن الشجاع منا للذي يحاذي به يعني النبي صلى الله عليه وسلم .
(الشرح)
(عن أبي إسحاق ; قال : جاء رجل إلى nindex.php?page=showalam&ids=48البراء ، فقال : أكنتم وليتم يوم حنين ؟ يا أبا عمارة ! فقال : أشهد على نبي الله صلى الله عليه) وآله وسلم أنه ما ولى ولكنه انطلق أخفاء) جمع " خفيف" . وهم المسارعون المستعجلون (من الناس ، وحسر) بضم الحاء وتشديد السين المفتوحة . والحاسر : من لا درع عليه (إلى هذا الحي من هوازن) .
وهم قوم رماة . فرموهم برشق) بكسر الراء : اسم السهام ، التي ترميها الجماعة دفعة واحدة .
وأما " الرشق " بفتح الراء . فهو مصدر . وضبطه nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض هنا بالكسر لا غير .
[ ص: 222 ] (من نبل كأنها رجل من جراد) أي : قطعة منه . وكأنها شبهت برجل الحيوان ، لكونها قطعة منه .
(فانكشفوا) أي : انهزموا ، وفارقوا مواضعهم وكشفوها .
وهذا الجواب الذي أجاب به nindex.php?page=showalam&ids=48البراء ، من بديع الأدب . لأن تقدير الكلام : " وليتم كلكم ؟". فيقتضي : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وافقهم في ذلك . فقال nindex.php?page=showalam&ids=48البراء : أشهد عليه أنه ما ولى ولكن جماعة من الصحابة ، جرى لهم كذا وكذا .
فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأبو سفيان ابن الحارث رضي الله عنه ، (يقود به بغلته . فنزل ، ودعا واستنصر) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري : أنكر بعض الناس كون الرجز شعرا ، لوقوعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم . مع قوله تعالى : وما علمناه الشعر وما ينبغي له . وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش . واحتج به على فساد مذهب الخليل في أنه شعر . وأجابوا عن هذا : بأن الشعر هو ما قصد إليه ، واعتمد الإنسان أن يوقعه موزونا مقفى يقصده إلى القافية . ويقع في ألفاظ العامة : كثير من الألفاظ الموزونة . ولا يقول أحد : إنها شعر، [ ص: 223 ] ولا صاحبها شاعر . وهكذا الجواب عما في القرآن من الموزون ، كقوله تعالى :
وقوله تعالى : نصر من الله وفتح قريب ولا شك : أن هذا لا يسميه أحد من العرب شعرا لأنه لم يقصد تقفيته وجعله شعرا . قال: وقد غفل بعض الناس عن هذا القول ، فأوقعه ذلك في أن قال : الرواية "أنا النبي لا كذب "، بفتح الباء . حرصا منه على أن يفسد الروي ، فيستغني عن الاعتذار . وإنما الرواية بإسكان الباء . انتهى .
قال النووي : قال الإمام أبو القاسم (علي بن أبي جعفر بن علي السعدي الصقلي) ، المعروف " بابن القطاع " في كتابه الشافي ، في علم القوافي) : قد رأى قوم ، منهم " nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش " (وهو شيخ هذه الصناعة بعد الخليل) : أن مشطور الرجز ومنهوكه ليس بشعر . كقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=652812 " الله مولانا ولا مولى لكم ، وقوله :
هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
.
، وقوله :
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
.
[ ص: 224 ] وأشباه هذا . قال: وهذا الذي زعمه nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش وغيره : غلط بين . وذلك لأن الشاعر إنما سمي شاعرا لوجوه ;
منها : أنه شعر القول وقصده ، وأراده واهتدى إليه ، وأتى به كلاما موزونا على طريقة العرب ، مقفى . فإن خلا من هذه الأوصاف أو بعضها ، لم يكن شعرا ، ولا يكون قائله شاعرا ، بدليل أنه لو قال كلاما موزونا على طريقة العرب ، وقصد الشعر أو أراده ، ولم يقفه : لم يسم ذلك الكلام شعرا . ولا قائله شاعرا ، بإجماع العلماء والشعراء . وكذا لو قفاه وقصد به الشعر ، ولكن لم يأت به موزونا ، لم يكن شعرا . وكذا ، لو أتى به موزونا مقفى ، لكن لم يقصد به الشعر : لا يكون شعرا . ويدل عليه : أن كثيرا من الناس يأتون بكلام موزون مقفى ، غير أنهم ما قصدوه ولا أرادوه ، ولا يسمى شعرا ، وإذا تفقد ذلك وجد كثيرا في كلام الناس . كما قال بعض السؤال: "اختموا صلاتكم بالدعاء والصدقة ". وأمثال هذا كثيرة . فدل على أن الكلام الموزون لا يكون شعرا ، إلا بالشروط المذكورة . وهي القصد وغيره مما سبق . والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لم يقصد بكلامه ذلك ، الشعر ولا أراده . فلا يعد شعرا وإن كان موزونا . والله أعلم .
فإن قيل : كيف قال صلى الله عليه وآله وسلم : " أنا ابن عبد المطلب " [ ص: 225 ] فانتسب إلى جده دون أبيه ، وافتخر بذلك ، مع أن الافتخار في حق أكثر الناس من عمل الجاهلية ؟.
فالجواب : أنه صلى الله عليه وآله وسلم ، كانت شهرته بجده أكثر . لأن أباه " عبد الله " توفي شابا في حياة أبيه ، قبل اشتهاره . وكان عبد المطلب مشهورا شهرة ظاهرة شائعة . وكان سيد أهل مكة . وكان كثير من الناس يدعون النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " ابن عبد المطلب ". ينسبونه إلى جده لشهرته . ومنه : حديث همام بن ثعلبة ، في قوله : " أيكم ابن عبد المطلب ؟" وقد كان مشتهرا عندهم : أن عبد المطلب بشر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم . وأنه سيظهر وسيكون شأنه عظيما . وكان قد أخبره بذلك : " سيف بن ذي يزن ".
وقيل : إن عبد المطلب رأى رؤية تدل على ظهور النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وكان ذلك مشهورا عندهم ، فأراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تذكيرهم بذلك ، وتنبيههم بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لا بد من ظهوره على الأعداء ، وأن العاقبة له ، لتقوى نفوسهم . وأعلمهم أيضا بأنه ثابت ملازم للحرب ، لم يول مع من ولى . وعرفهم موضعه ، ليرجع إليه الراجعون .
قال النووي : ومعنى قوله : " أنا النبي لا كذب ": أي أنا النبي حقا ; فلا أفر ولا أزول .
قال : وفي هذا دليل على جواز قول الإنسان في الحرب : " أنا فلان ، وأنا ابن فلان ". ومثله قول سلمة : " أنا ابن الأكوع". وقول nindex.php?page=showalam&ids=8علي :
[ ص: 226 ] " أنا الذي سمتني أمي حيدره ". وأشباه ذلك . وقد صرح بجوازه علماء السلف . وفيه حديث صحيح . قالوا : وإنما يكره قول ذلك ، على وجه الافتخار ، كفعل الجاهلية . والله أعلم .
(" اللهم أنزل نصرك "، قال nindex.php?page=showalam&ids=48البراء : كنا والله ! إذا احمر البأس نتقي به . وإن الشجاع منا ، الذي يحاذي به . يعني : النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم) .
" احمرار البأس " كناية عن شدة الحرب . واستعير ذلك لحمرة الدماء الحاصلة فيها في العادة . أو لاستعار الحرب واشتعالها ، كاحمرار الجمر . كما في الرواية السابقة : "حمي الوطيس ".