( عن nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد بن أبي وقاص ; قال: كتبت إلى nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة، مع غلامي نافع: أن أخبرني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم. قال: فكتب إلي: سمعت رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم، يوم جمعة، عشية رجم الأسلمي، فقال: "لا يزال الدين [ ص: 243 ] قائما، حتى تقوم الساعة. أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة. كلهم من قريش") .
الثاني: أنه قد ولي أكثر من هذا العدد. قال: وهذا اعتراض باطل; لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل: لا يلي إلا اثنا عشر خليفة. وإنما قال: يلي. وقد ولي هذا العدد. ولا يضر كونه وجد بعدهم غيرهم. هذا إن جعل المراد باللفظ: كل وال. ويحتمل: أن يكون المراد: مستحقي الخلافة العادلين. وقد مضى منهم من علم. ولا بد من تمام هذا العدد، قبل قيام الساعة.
قال: وقيل: إن معناه أنهم يكونون في عصر واحد، يتبع كل واحد منهم طائفة. قال: ولا يبعد أن يكون هذا قد وجد، إذا تتبعت التواريخ. فقد كان بالأندلس وحدها منهم ( في عصر واحد، بعد أربعمائة وثلاثين سنة) : ثلاثة. كلهم يدعيها ويلقب بها. وكان حينئذ في مصر : آخر. ( وكان خليفة الجماعة العباسية ببغداد) . سوى من كان يدعي ذلك في ذلك الوقت، في أقطار الأرض. قال: ويعضد هذا التأويل قوله في كتاب مسلم بعد هذا: nindex.php?page=hadith&LINKID=105290 "ستكون خلفاء فيكثرون" قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "فوا بيعة الأول فالأول".
[ ص: 245 ] قال: ويحتمل أن المراد: من يعز الإسلام في زمنه، ويجتمع المسلمون عليه. كما جاء في سنن nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود : "كلهم تجتمع عليه الأمة". وهذا قد وجد قبل اضطراب أمر بني أمية، واختلافهم، في زمن nindex.php?page=showalam&ids=17358يزيد بن الوليد . وخرج عليه بنوا العباس.
ويحتمل: أوجها أخر. والله تعالى أعلم بمراد نبيه، صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى.
وهذا الوجه الأخير، هو الذي رجحه الحافظ ابن حجر ( في الفتح) من كلام، لتأييده بقوله في طرق الحديث الصحيحة: "كلهم يجتمع عليه الناس". ثم قال: وإيضاح ذلك: أن المراد بالاجتماع: انقيادهم لبيعته. والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر، ثم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، ثم nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان، ثم nindex.php?page=showalam&ids=8علي "رضي الله عنهم". إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين، فسمي nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية يومئذ بالخلافة. ثم اجتمع الناس على " nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية " عند صلح الحسن . ثم اجتمعوا على ولده " يزيد ". ولم ينتظم للحسين أمر، بل قتل قبل ذلك. ثم لما مات يزيد، وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على " nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان "، بعد قتل nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير . ثم اجتمعوا على أولاده الأربع: الوليد، ثم سليمان، ثم يزيد، ثم هشام . وتخلل بين سليمان ويزيد : " nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ". فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين. والثاني عشر، هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك . اجتمع عليه الناس لما مات [ ص: 246 ] عمه "هشام"، فولي نحو أربع سنين. ثم قاموا عليه فقتلوا. وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال يومئذ. ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك. لأن " nindex.php?page=showalam&ids=17358يزيد بن الوليد " الذي قام على عمه " الوليد بن يزيد ": لم تطل مدته. بل ثار عليه قبل أن يموت: ابن عم أبيه " مروان ". ثم ثار على " مروان " بنو العباس، إلى أن قتل. ثم كان خلفاء بني العباس ; أولهم: " أبو العباس السفاح ". ولم تطل مدته مع كثرة من ثار عليه. ثم ولي أخوه " المنصور ". فطالت مدته. لكن خرج عنه المغرب الأقصى، باستيلاء المروانيين على الأندلس. واستمرت في أيديهم متغلبين عليها، إلى أن تسموا بالخلافة بعد ذلك. وانقرض الأمر في جميع أقطار الأرض، إلى أن لم يبق من الخلافة إلا الاسم، في بعض البلاد. بعد أن كانوا في أيام بني عبد الملك بن مروان، يخطب للخليفة في جميع أقطار الأرض شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا . مما غلب عليه المسلمون. ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها: الإمارة على شيء، إلا بأمر الخليفة. ومن نظر في أخبارهم، عرف صحة ذلك. فعلى هذا; يكون المراد بقوله في حديث آخر "ثم يكون الهرج" يعني: القتل الناشئ عن الفتن وقوعا فاشيا. ويستمر ويزداد على مدى الأيام. وكذا كان. والله المستعان. انتهى كلام الحافظ.
قال العلامة " حسن بن أحمد بن عبد الله عاكش " تلميذ قاضي القضاة " محمد بن علي الشوكاني "، في "إيضاح الدلائل، بجواب الست [ ص: 247 ] المسائل": فهذا أرجح ما قيل في معنى الحديث. وقد يحتمل: وجوها كثيرة. والله أعلم بمراد نبيه. وأما حمل الحديث على ما قالته الإمامية، فلم أعثر على كلام أحد من المتكلمين على الحديث: أنه أشار إلى ذلك. وتفسيره مراد الإمامية من الاثني عشر، الذين عدوهم من الآل: باطل. ووجه بطلانه أمران;
الأول: أن الحديث أخبر: أنه لا يزال أمر الملة "أو الدين" قائما، مدة ولاية الاثني عشر. وسماهم "خلفاء". وهو مناد على أن المراد: خليفة نافذ الكلمة، قائم بالأمر، متبوع مطاع مسموع، يعقد ألوية الجهاد، ويعم أمره البلاد، وتنفذ أوامره في الأغوار والأنجاد . إذ هذا مسمى "الخليفة" الذي به يقوم الدين، ويجتمع على طاعته من يلزمه من المكلفين. وأئمة الإمامية، ليس فيهم متبوع، ولا من خفقت عليه الألوية، وصارت أوامره في سكان الجبال والأودية، إلا أمير المؤمنين " nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب " رضي الله عنه. فكيف يعد من عداه "من الخاملين، المتفرغين للعبادة وتلاوة كتاب الله": خليفة يقوم به أمر الناس؟ هذا لا يصح لغة، ولا عرفا، ولا شرعا. وهذا لا ينافي حديث: "الحسن والحسين إمامان، قاما أو قعدا". فمعلوم: [ ص: 248 ] أنه ليس المراد: أنهما إمامان نافذة في الآفاق عنهما: النواهي والأوامر، مطاعان في جميع القبائل والعشائر، يقودان الأجناد والعساكر، ويدعى لهما على عادة الخلفاء في جميع المنابر. فإن هذا خلاف الواقع. ولا يخبر الصادق المصدوق الأمين، إلا بالحق المبين، والصواب المتين. فتعين أن يكون المراد من إمامتهما، قاما أو قعدا: أن لهما في الأجر والثواب في الآخرة. ما لأئمة الهدى. وأنهما في ظل العرش، الذي لا يكون في ظله: إلا الإمام العادل. يوم لا ظل إلا ظله. كما ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما. وفي هذا من التنويه والرفع من شأنهما: ما لا يخفى. وخروجهما "من حديث الاثني عشر خليفة" غير ضائر. ولا يفت في شيء مما لهما من الفضائل. ولأنه ظاهر فيمن نفذت كلمته وأطاعته الأمة، كما سبق تقريره.
الثاني: أنه لا يساعد عليه الحديث نفسه. لأنه ظاهر في قسمة أحوال الأمة والدين إلى نوعين; نوع يستقيم فيه أمر الدين. وهو مدة ولاية الاثني عشر. ونوع بخلافه. وهو مدة خلافة غيرهم. والإمامية يقولون: إنه ليس للأمة من أولها إلى آخرها خلفاء، إلا اثنا عشر. أحدهم: "محمد بن الحسن" الذي هو الآن خليفة العصر للحاضر والباد. وللعرب والأعاجم والأكراد. والزمان عندهم: نوع واحد. والخلفاء من بعد العصر النبوي إلى آخر أيام الدهر: "اثنا عشر"، الذين عينوهم.
ووجه ثالث من أدلة بطلان قولهم: أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم: [ ص: 249 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=664519 "كلهم من قريش". ولو كانوا كلهم من عدوهم، لقال: "كلهم من أولاد علي. أو من أولاد nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين". لأنه صلى الله عليه وآله وسلم، لم يأت بهذا اللفظ. وهو بيان من هم؟ إلا للتمييز. وكان ذكر كونهم من ولد nindex.php?page=showalam&ids=8علي أو nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين: أتم تمييز وأحسن إفادة. كما لا يخفى.
ووجه رابع، وهو أنه صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "كلهم يجتمع عليه الأمة". أي تجتمع على طاعته، وكونهم تحت أمره وقهره. ولم تجتمع الأمة على أحد ممن عده الإمامية، غير " nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ".
قال: وبهذه الأوجه التي قررناها، تعرف فساد قول من فسر الاثني عشر بقول الإمامية. وكيف يصح قولهم؟ وهذا خليفة هذه الأعصار عندهم: "محمد بن الحسن العسكري" المختفي في السرداب، في سر من رأى، لا يعرفه إنسان، ولا يقول بحياته ذو شان، ولا يصدق ببقاه عاقل، ولا يدخل صحة ما قالوه في دماغ فاضل. وهذا هو عندهم: خليفة هذه الأعصار، الواجب اتباعه على أهل الأقطار، الباقية دولته على وجه الأدهار، حتى تطلع الشمس من مغربها. كما صرح به أهل كتب المقالات. والله أعلم. هذا آخر كلام العلامة "عاكش"، رحمه الله تعالى.
[ ص: 250 ] ( وسمعته يقول: "عصيبة من المسلمين، يفتتحون البيت الأبيض; بيت كسرى") قال النووي : هذا من المعجزات الظاهرة، لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقد فتحوه بحمد الله، في زمن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه. و" العصيبة" تصغير "عصبة". وهي الجماعة. و"كسرى" بفتح الكاف وكسرها.
( وسمعته يقول: "إن بين يدي الساعة كذابين، فاحذروهم) . وهذا أيضا من المعجزات الواضحة له صلى الله عليه وآله وسلم. فقد ظهر كذابون كثيرون بين يدي الساعة. ويظهرون في كل زمن غالبا، في قطر من أقطار الأرض. وقد ظهر بإقليم الهند منذ ثلاثين سنة أو نحوها: كذاب وضاع، أنكر الملائكة ووجود الجن، وحرف معاني القرآن، ودخل في الدهرية والردة من كل باب، وأضل كثيرا من الناس الجاهلين. وهو باق إلى حين تحرير هذا الكتاب، وسيجعل الله بعد عسر يسرا. وقد أفصح كتابنا ( حجج الكرامة، في آثار القيامة) عن حال هؤلاء الكذابين. وعينا بعضهم بالتسمية، على طريقة المؤرخين.
( وسمعته يقول: "إذا أعطى الله أحدكم خيرا، فليبدأ بنفسه وأهل بيته") هو مثل حديث: "ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول". [ ص: 251 ] ( وسمعته يقول: "أنا الفرط على الحوض") بفتح الراء. ومعناه: السابق إليه، والمنتظر لسقيكم منه. والفرط والفارط: هو الذي يتقدم القوم إلى الماء، ليهيئ لهم ما يحتاجون إليه.