وقال النووي : ( باب فضيلة الأمير العادل، وعقوبة الجائر.. الخ) .
حديث الباب
وهو بصحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم \ النووي ص211 ج12 المطبعة المصرية
[حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، nindex.php?page=showalam&ids=13608وابن نمير ; قالوا: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن عمرو ( يعني: ابن دينار) ، عن عمرو بن أوس، عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو. قال nindex.php?page=showalam&ids=13608ابن نمير وأبو بكر : يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم. وفي حديث زهير قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=660414قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المقسطين، عند الله، على منابر من نور. عن يمين الرحمن عز وجل. وكلتا يديه يمين; الذين يعدلون في حكمهم، وأهليهم، وما ولوا" ].
[ ص: 283 ] الإقساط، والقسط "بكسر القاف": العدل. يقال: أقسط إقساطا، إذا عدل. قال تعالى: وأقسطوا إن الله يحب المقسطين .
ويقال: قسط يقسط "بفتح الياء وكسر السين" قسوطا وقسطا "بفتح القاف"، فهو قاسط، وهم قاسطون. إذا جاروا. قال تعالى: وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا .
والمنابر جمع "منبر". سمي به لارتفاعه.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : يحتمل أن يكونوا على منابر حقيقة، على ظاهر الحديث. ويحتمل: أن يكون كناية عن المنازل الرفيعة. قال النووي : قلت: الظاهر الأول. ويكون متضمنا للمنازل الرفيعة. فهم على منابر حقيقة، ومنازلهم رفيعة. قال: ويمين "الرحمن" من أحاديث الصفات. وفيها اختلاف العلماء. وإن منهم من قال: نؤمن بها، ولا نتكلم في تأويلها، ولا نعرف معناها. لكن نعتقد: أن ظاهرها غير مراد، وأن لها معنى يليق بالله تعالى. قال: وهذا مذهب جماهير السلف، وطوائف من المتكلمين.
والثاني: أنها تؤول على ما يليق بها. وهذا قول أكثر المتكلمين. وعلى هذا قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : المراد بكونهم عن اليمين: "الحالة الحسنة، والمنزلة [ ص: 284 ] الرفيعة": قال: قال ابن عرفة: يقال: أتاه عن يمينه، إذا جاءه من الجهة المحمودة. والعرب تنسب الفعل المحمود والإحسان: إلى اليمين. وضده: إلى اليسار. قالوا: "واليمين" مأخوذة من "اليمن" انتهى.
وأقول: الحق الذي لا محيص عنه، لمن يشح بدينه ويبخل بإسلامه: أن يعتقد في مثل هذه الصفة، اعتقاد السلف الصالح. وهو الإيمان بظواهر الصفات، من دون تعطيل وتأويل ( ولا ملجئ إلى تأويلها) ، ولا تشبيه ولا تمثيل في إجرائها على ظاهرها، مع قوله تعالى: ليس كمثله شيء ولم يكن له كفوا أحد .
ورحم الله المتكلمين، من أئمة المسلمين. لقد خاضوا فيما لم يكن لهم حاجة إلى الخوض فيه. بل كان يكفيهم أن يقولوا: "آمنا بالله وبصفاته، كما جاءت عنه سبحانه، وعن رسوله. ولا نؤول، ولا نشبه، ولا نعطل، ولا نكيف.
( وكلتا يديه يمين) قال النووي : تنبيه على أنه ليس المراد باليمين: "جارحة". تعالى الله عن ذلك. فإنها مستحيلة في حقه "سبحانه وتعالى".
وقال في النيل: قال في النهاية: أي أن يديه "تبارك وتعالى" بصفة الكمال. لا نقص في واحدة منهما. لأن الشمال تنقص عن اليمين. [ ص: 285 ] وكل ما جاء في القرآن والحديث، من إضافة اليد والأيدي، وغير ذلك من أسماء الجوارح: إلى الله "عز وجل". فإنما هو على سبيل المجاز والاستعارة. والله "تعالى" منزه عن التشبيه والتجسيم; انتهى.
وأقول: تنزيهه "سبحانه" عن التشبيه والتجسيم: مسلم. ولكن في كون هذه الإضافة وهذه الصفات، مجازا واستعارة: نظر. فإن هذين يجريان في حق الحادث الممكن، دون القديم الواجب بالذات. ولا يحسن إطلاق الحادث على القديم الذي ليس كمثله شيء. ولم يكن له كفوا أحد. بل صفة اليمين واليد ونحوهما، من الصفات التي جاء بها الكتاب العزيز: ونطقت بها السنة المطهرة، حقيقة، في حقه "سبحانه"، ومجاز في حق غيره. كيف، وصفات الكمال التي في نوع البشر، ظلال وعكوس فيهم، وأصولها وحقائقها ثابتة له سبحانه وتعالى؟ والتأويل يخرجها عن التأصيل. ولم يرد في "الأصلين": ما يدل على إيجاب التأويل، حتى نضطر إليه، ونذر الإيمان بظاهرها والتعويل عليه. وقد زلت أقدام أحزاب جمة في هذا المقام. وأتوا بما كان لهم مندوحة عنه، في إثبات صفات ذي الجلال والإكرام.
وأسلم السبل وأعلم الطرق ههنا: طريقة السلف الصالح، وعقيدة إمام أهل السنة: "أحمد". وهو الإيمان بصفاته سبحانه، الواردة في [ ص: 286 ] الكتاب والسنة، من غير تأويل وصرف لها عن الظاهر، بلا موجب من الله ورسوله. فرحم الله من أنصف ولم يتعسف.
( الذين يعدلون في حكمهم، وأهليهم وما ولوا) يعني: أن هذا الفضل، إنما هو لمن عدل فيما تقلده من خلافة، أو إمارة، أو قضاء، أو حسبة، أو نظر على يتيم، أو صدقة، أو وقف. وفيما يلزمه من حقوق أهله وعياله، ونحو ذلك. قاله النووي .
قلت: ومن ذلك: العدل "في الإيمان بالله وبصفاته": بترك التأويلات لها من قبل نفسه، وإمرارها كما جاءت على ظاهرها. وبالعدل قامت السماوات والأرض. وإذا ذهب العدل كله من الدنيا وأهلها: انصرمت الدنيا، وقامت الساعة على ساقها، وجاءت القيامة بأهوالها. ولم تنشأ فتنة في أمر من أمور الدين بل الدنيا، إلا من جهة التأويل. ولنا رسالة في ذمه، سميناه: "قصد السبيل". راجعه.