وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الكلب؟ فقال: "إذا أرسلت كلبك، وذكرت اسم الله; فكل. فإن أكل منه; فلا تأكل. فإنه إنما أمسك على نفسه".
قلت: فإن وجدت مع كلبي كلبا آخر، فلا أدري أيهما أخذه؟ قال: "فلا تأكل. فإنما سميت على كلبك، ولم تسم على غيره" ].
(الشرح)
( عن nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم ) رضي الله عنه; ( قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن المعراض؟) بكسر [ ص: 378 ] الميم وسكون المهملة، وآخره معجمة. قال الهروي والخليل، وتبعهما جماعة: هو سهم، لا ريش له ولا نصل. وقال ابن دريد، وتبعه ابن سيده: هو سهم طويل، له أربع قذذ رقاق. فإذا رمي به; اعترض . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : نصل عريض، له ثقل ورزانة. وقيل: عود رقيق الطرفين، غليظ الوسط. إذا رمي به; ذهب مستويا. وقيل: خشبة ثقيلة، آخرها عصا محدد رأسها، وقد لا يحدد. قال في النيل: وقوى هذا الأخير: النووي تبعا لعياض . قلت: ولفظه في شرح مسلم: هي خشبة ثقيلة، أو عصا في طرفها حديدة. وقد تكون بغير حديدة. هذا هو الصحيح في تفسيره. انتهى. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي: إنه المشهور.
وقال ابن التين : عصا في طرفها حديدة يرمي بها الصائد. فما أصاب بحده; فهو ذكي فيؤكل. وما أصاب بغير حده; فهو وقيذ.
( فقال: إذا أصاب بحده; فكل. وإذا أصاب بعرضه) بفتح العين ( فقتل; فإنه وقيذ) . أي: مقتول بغير محدد. "والموقوذة": المقتولة بالعصا ونحوها. وأصله من الكسر والرض. ( فلا تأكل) .
قوله: "بعرضه" معناه: بغير طرفه المحدد. ولفظ النووي : أي غير المحدد منه. انتهى.
[ ص: 379 ] وهو حجة للجمهور في التفصيل المذكور. وبه قال الأئمة الأربعة الفقهاء.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي وغيره من فقهاء الشام: يحل مطلقا. والحديث يرد عليهم.
( وسألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الكلب؟ فقال: إذا أرسلت كلبك، وذكرت اسم الله; فكل. فإن أكل منه; فلا تأكل) . هذا الحديث: صريح في منع أكل ما أكلت منه الجارحة. وتقدم الكلام على هذا المقام.
قال النووي : وأما جوارح الطير إذا أكلت مما صادته، فالأصح عند الشافعية والراجح من قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : تحريمه. وقال سائر العلماء: بإباحته. لأنه لا يمكن تعليمها ذلك، بخلاف السباع. قال: وأصحابنا يمنعون هذا الدليل. انتهى.
واستدل بالحديث: على مشروعية التسمية. وهو مجمع على ذلك".
[ ص: 380 ] إنما الخلاف في: كونها شرطا في حل الأكل;
فذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد: إلى أنها شرط.
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي "رحمه الله" ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك: أنها "سنة". فمن تركها عندهم عمدا أو سهوا: لم يقدح في حل الأكل.
ومن أدلة القائلين بأن التسمية "شرط": قوله تعالى: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه . فهذه الآية فيها: النهي عن أكل ما لم يسم عليه. وفي أحاديث الباب: إيقاف الإذن في الأكل عليها . والمعلق بالوصف ينتفي عند انتفائه، عند من يقول بالمفهوم. والشرط أقوى من الوصف. ويتأكد القول بالوجوب: بأن الأصل تحريم الميتة. وما أذن فيه منها، تراعى صفته. فالمسمى عليها: وافق الوصف. وغير المسمى: باق على أصل التحريم.
واختلفوا إذا تركها ناسيا;
فعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري، وجماهير العلماء: أن الشرطية إنما هي في حق الذاكر. فيجوز أكل ما تركت التسمية عليه سهوا، لا عمدا.
[ ص: 381 ] وذهب داود، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور: إلى أنها شرط مطلقا. لأن الأدلة لم تفصل.
واختلف الأولون "في العمد": هل يحرم الصيد ونحوه، أم يكره؟
فعند الحنفية: يحرم. وعند الشافعية : في العمد ثلاثة أوجه; أصحها: يكره الأكل. وقيل: خلاف الأولى. وقيل: يأثم بالترك، ولا يحرم الأكل.
والمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: التفرقة بين الصيد والذبيحة; فذهب في الذبيحة إلى هذا القول الثالث.
ومما يدل على عدم الاشتراط: قوله تعالى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم . فأباح الأكل من ذبائحهم; مع وجود الشك في أنهم سموا أم لا؟ والله أعلم.
[ ص: 382 ] ( فإنه إنما أمسك على نفسه) . قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أصح قوليه: إذا قتلته الجارحة المعلمة من الكلاب والسباع، وأكلت منه; فهو حرام: لأنها أمسكته على نفسها. وبه قال أكثر العلماء. منهم: nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة، وعطاء، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير، والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي، وعكرمة، وقتادة، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابه، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، وإسحاق، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور، nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر، وداود .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص، nindex.php?page=showalam&ids=23وسلمان الفارسي، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك : يحل. واحتج هؤلاء بحديث " أبي ثعلبة ". وحملوا حديث " عدي " هذا: على كراهة التنزيه. وتقدم: أن حديث عدي ; مقدم على حديث " أبي ثعلبة "; لأنه أصح.
ومنهم من تأول حديث " أبي ثعلبة ": على ما إذا أكل منه بعد أن قتله وخلاه وفارقه، ثم عاد فأكل منه. فهذا لا يضر .