"وأو" هنا: للتنويع، لا للترديد. وهو ما يتخذ من الكلاب لحفظ الماشية عند رعيها.
( نقص من أجره) وفي رواية: من عمله ( كل يوم قيراطان) . وفي لفظ: "قيراط". والحديث: له طرق وألفاظ. قال النووي : مذهبنا: أنه يحرم اقتناء الكلب بغير حاجة. ويجوز اقتناؤه للصيد وللزرع وللماشية. وهل يجوز لحفظ الدور والدواب ونحوها؟ فيه وجهان; أحدهما: لا يجوز; لظواهر الأحاديث. فإنها مصرحة بالنهي; إلا لزرع، أو صيد، أو ماشية.
قال: ورواية "عمله" معناه: من أجر عمله. وأما "القيراط" فهو هنا: مقدار معلوم عند الله تعالى. والمراد: نقص جزء من أجر عمله. واختلاف الرواية في قيراط، وقيراطين; فقيل: يحتمل أنه في نوعين من الكلاب; أحدهما أشد أذى من الآخر. أو لمعنى فيهما.
أو يكون ذلك مختلفا باختلاف المواضع; فيكون القيراطان في المدينة خاصة، لزيادة فضلها، والقيراط في غيرها. أو القيراطان في المدائن ونحوها من القرى، والقيراط في البوادي.
أو يكون ذلك في زمنين; فذكر القيراط أولا. ثم زاد التغليظ فذكر القيراطين. انتهى. وهذا الأخير هو الظاهر. لأن الحديث لم يفصل. قال nindex.php?page=showalam&ids=14395الروياني: المراد بما ينقص منه: ما مضى من عمله. وقيل: من مستقبله. وقيل: ينقص قيراط من عمل النهار، وقيراط من عمل الليل. أو قيراط من عمل الفرض، وقيراط من عمل النفل. انتهى. وأقول: هذا الخوض في محل نقص القيراطين; لا يأتي بفائدة. ولا يعود بعائدة.
[ ص: 388 ] وكذا التفصيل السابق في تأويل القيراطين والقيراط. ويكفي للمسلم: أن يعتقد نقص ذلك، ويكل علمه إلى الله تعالى، ولا يفصل ولا يخوض. ومن حسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه.
وقيل: لما يلحق المارين من الأذى، من ترويع الكلب لهم وقصده إياهم.
وقيل: إن ذلك عقوبة له; لاتخاذه ما نهي عن اتخاذه، وعصيانه في ذلك.
وقيل: لما يبتلى به من ولوغه في غفلة صاحبه، ولا يغسله بالماء والتراب. قاله النووي . قلت: ولا مانع من إرادة الجميع. وبعض هذه الوجوه: قد ورد في بعض الأحاديث.
روي: أن "المنصور بالله" سأل عمرو بن عبيد; عن سبب هذا الحديث؟ فلم يعرفه. فقال المنصور: لأنه ينبح الضيف، ويردع السائل.
[ ص: 389 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : في هذه الأحاديث: "إباحة اتخاذ الكلب" للصيد، والماشية. وكذلك للزرع; لأنها زيادة "حافظ" . وكراهة اتخاذها لغير ذلك. إلا أنه يدخل في معنى الصيد وغيره مما ذكر: اتخاذها لجلب المنافع ودفع المضار; قياسا. فتمحض كراهة اتخاذها لغير حاجة.
قال: ووجه الحديث عندي: أن المعاني المتعبد بها في الكلاب، من غسل الإناء سبعا: لا يكاد يقوم بها المكلف، ولا يتحفظ منها. فربما دخل عليه باتخاذها: ما ينقص أجره من ذلك.
قال في النيل: اتفقوا على أن المأذون في اتخاذه: ما لم يحصل الاتفاق على قتله: وهو الكلب العقور. وأما غير العقور; فقد اختلف: هل يجوز قتله أم لا؟
واستدل بأحاديث الباب: على طهارة الكلب المأذون باتخاذه. لأن في ملابسته مع الاحتراز عنه: مشقة شديدة. فالإذن باتخاذه: إذن بمكملات مقصودة. كما أن المنع من اتخاذه: مناسب للمنع منه. قال: وهو [ ص: 390 ] استدلال قوي - كما قال الحافظ - لا يعارضه إلا عموم الخبر في الأمر بغسل ما ولغ فيه الكلب، من غير تفصيل. وتخصيص العموم غير مستنكر; إذا سوغه الدليل. انتهى.