( عن جندب بن سفيان ) رضي الله عنه; ( قال: شهدت الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يعد أن صلى وفرغ من [ ص: 416 ] صلاته، سلم. فإذا هو يرى لحم أضاحي قد ذبحت، قبل أن يفرغ من صلاته. فقال: من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي -أو نصلي-) الظاهر: أنه شك من الراوي. ورواية النون: موافقة لقوله: "قبل أن يفرغ". فإن المراد: صلاة النبي، صلى الله عليه وآله وسلم.
( فليذبح مكانها أخرى. ومن كان لم يذبح، فليذبح باسم الله) . الجار والمجرور، متعلق بمحذوف. أي: قائلا: باسم الله.
وفي رواية: "على اسم الله".
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : يحتمل أربعة أوجه;
أحدها: أن يكون معناه: فليذبح لله. والباء بمعنى اللام .
والرابع: تبركا باسمه، وتيمنا بذكره. كما يقال: سر على بركة الله. وسر باسم الله.
وكره بعض العلماء: أن يقال: فعل كذا على اسم الله، لأن اسمه [ ص: 417 ] سبحانه على كل شيء. قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : هذا ليس بشيء. قال: وهذا الحديث يرد على هذا القائل. انتهى .
قلت: ولا مانع من إرادة جميع معاني هذه الأوجه الأربعة. فليعلم.
قال النووي : قال الكتاب من أهل العربية: إذا قيل: "باسم الله": تعين كتبه بالألف. وإنما تحذف الألف، إذا كتب: "بسم الله الرحمن الرحيم" بكمالها. انتهى.
[ ص: 418 ] ويجمع بين الحديثين: بأن وقت النحر، يكون لمجموع صلاة الإمام ونحره. وقد ذهب إلى هذا مالك فقال: لا يجوز ذبحها قبل صلاة الإمام وخطبته، وذبحه. وفي المسألة: مذاهب للفقهاء. ذكرها النووي . وهذا أرجحها.
قال في النيل بعد ما ذكر تلك المذاهب: لا يخفى أن مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، هو الموافق لأحاديث الباب. وبقية هذه المذاهب: بعضها مردود، بجميع أحاديث الباب. وبعضها يرد عليه بعضها.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وأما إذا لم يكن ثم إمام، فالظاهر أنه يعتبر لكل مضح بصلاته. وتأول حديث الباب، من لم يعتبر صلاة الإمام وذبحه: بأنه لما كانت تقع صلاتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقع التعليق بها في هذه الأحاديث، بخلاف العصر الذي بعد عصره، فإنها تصلى صلاة العيد في المصر الواحد جماعات متعددة. قال الشوكاني : ولا يخفى بعد هذا. فإنه لم يثبت: أن أهل المدينة ومن حولهم، كانوا لا يصلون العيد إلا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال: ولا يصلح للتمسك لمن [ ص: 419 ] جوز الذبح من طلوع الشمس، أو من طلوع الفجر: ما ورد من أن يوم النحر "يوم ذبح". لأنه كالعام. وأحاديث الباب خاصة. فيبنى العام على الخاص. انتهى. وأما آخر وقت التضحية;
فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، وجماعة من الصحابة والتابعين والفقهاء: تجوز في يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة بعده. وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15858داود الظاهري.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : تختص بيوم النحر ويومين بعده. وحكى ابن القيم عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: أنه قال: هو قول غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : إن وقته: يوم النحر خاصة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر : إن وقته: يوم النحر فقط، لأهل الأمصار. وأيام التشريق، لأهل القرى.
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن بعض العلماء: أن وقته: جميع ذي الحجة.
وبالجملة في هذه المسألة خمسة مذاهب، أرجحها: المذهب الأول، للأحاديث الواردة في ذلك الباب. وهي يقوي بعضها بعضا، كما في النيل.