( عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ؛ قال : كانت لي شارف) . بالشين والفاء. وهي الناقة المسنة . وجمعها : "شرف" بضم الراء وإسكانها .
( من نصيبي من المغنم ، يوم بدر . وكان رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم ، أعطاني شارفا من الخمس يومئذ . فلما أردت أن أبتني بفاطمة ، بنت رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم : واعدت رجلا صواغا ، من بني قينقاع ، يرتحل معي فنأتي بإذخر ، أردت أن أبيعه من الصواغين) . هكذا هو في جميع نسخ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا .
والفصيح : حذف " من " ، فإن الفعل متعد بنفسه . ولكن استعمال " من " في هذا صحيح . وقد كثر ذلك في كلام العرب . وقد جمع النووي من ذلك نظائر كثيرة في " تهذيب اللغات" ، في حرف الميم مع النون . وتكون " من " زائدة على مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش ، ومن وافقه في زيادتها في الإيجاب .
أما " قينقاع " : فبضم النون . وكسرها . وفتحها . وهم طائفة من يهود المدينة . فيجوز " صرفه " ، على إرادة الحي . وترك صرفه ، على إرادة القبيلة ، أو الطائفة .
وفي الحديث : اتخاذ الوليمة للعرس . سواء في ذلك من له مال كثير ، ومن دونه .
وفيه : جواز الاستعانة في الأعمال ، والأنساب : باليهودي .
( فبينا أنا أجمع لشارفي متاعا من الأقتاب ، والغرائر ، والحبال . وشارفاي مناخان) . هكذا في معظم النسخ. وفي بعضها : " مناختان ". بزيادة التاء. وكذلك اختلف في نسخ البخاري . وهما صحيحان . فأنث باعتبار المعنى . وذكر باعتبار اللفظ .
[ ص: 458 ] ( إلى جنب حجرة رجل من الأنصار . وجمعت - حين جمعت - ما جمعت) . قال النووي : هكذا في بعض نسخ بلادنا . ونقله عياض عن أكثر نسخهم . وسقطت لفظة : " وجمعت " في الموضع الأول من أكثر نسخ بلادنا . ووقع في بعض النسخ : "حتى جمعت " . مكان : ( حين جمعت " .
( فإذا شارفي قد اجتبت أسنمتهما) ، هكذا هو في معظم النسخ . وفي بعضها : "فإذا شارفاي " وهذا هو الصواب . أو يقول : " فإذا شارفتاي " إلا أن يقرأ : " فإذا شارفي " بتخفيف الياء ، على لفظ الإفراد . ويكون المراد : جنس الشارف . فيدخل فيه " الشارفان " . ومعنى " اجتبت " : قطعت .
( وبقرت خواصرهما) ، أي : شقت .
( وأخذ من أكبادهما . فلم أملك عيني ، حين رأيت ذلك المنظر منهما) . هذا البكاء والحزن الذي أصابه . سببه : ما خافه من تقصيره في حق فاطمة "رضي الله عنها" ، وجهازها ، والاهتمام بأمرها . وتقصيره أيضا بذلك في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم . ولم يكن لمجرد الشارفين ، من حيث هما من متاع الدنيا . بل لما قدمناه . والله أعلم ..
[ ص: 459 ] ( قلت : من فعل هذا ؟ قالوا : فعله nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة بن عبد المطلب . وهو في هذا البيت ، في شرب من الأنصار) . بفتح الشين وإسكان الراء . وهم الجماعة الشاربون .
( غنته قينة) بفتح القاف : الجارية المغنية ( وأصحابه ، فقالت في غنائها : ألا يا حمز ! للشرف النواء) . " الشرف" ، بضم الشين والراء . وتسكين الراء أيضا كما سبق : جمع "شارف ".
" والنواء" ، بكسر النون وتخفيف الواو ، وبالمد : أي " السمان" . جمع "ناوية " بالتخفيف . وهي السمينة . وقد نوت الناقة ، تنوي . كرمت ترمي . يقال لها ذلك : إذا سمنت . هذا هو الصواب المشهور ، في روايات الصحيحين وغيرهما . ويقع في بعض النسخ : "النوي " بالياء. وهو تحريف . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : "ذا الشرف النوى " بفتح الشين والراء ، وبفتح النون مقصورا . قال : وفسره بالبعد . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وكذا رواه أكثر المحققين . قال : وهو غلط في الرواية والتفسير . وقد جاء في غير مسلم تمام هذا الشعر :
ألا يا حمز ! للشرف النواء وهن معقلات بالفناء ضع السكين في اللبات منها ضرجهن حمزة ! بالدماء وعجل من أطايبها لشرب قديدا من طبيخ أو شواء
[ ص: 460 ] ( فقام حمزة بالسيف ، فاجتب أسنمتها) . وفي رواية : " جب" .
nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري : " أجب " وهذه غريبة في اللغة . ومعناه : " قطع " .
( وبقر) أي : شق ( خواصرهما ، وأخذ من أكبادهما . فقال علي) رضي الله عنه : ( فانطلقت حتى أدخل على رسول الله ، صلى الله عليه) وآله ( وسلم ، وعنده زيد بن حارثة . قال : فعرف رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم في وجهي : الذي لقيت . فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم : " ما لك ؟" قلت : يا رسول الله ! والله ! ما رأيت كاليوم قط . عدا حمزة على ناقتي فاجتب أسنمتهما ، وبقر خواصرهما . وها هو ذا في بيت ، معه شرب . قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم بردائه ، فارتداه) . هكذا هو في النسخ كلها : " فارتداه ". وفيه : جواز لباس الرداء . وترجم له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بابا .
[ ص: 461 ] ( ثم انطلق يمشي . واتبعته أنا وزيد بن حارثة ، حتى جاء الباب الذي فيه حمزة . فاستأذن ، فأذنوا له ، فإذا هم شرب . فطفق رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم يلوم) أي : جعل يلومه . يقال بكسر الفاء وفتحها. حكاه عياض وغيره . والمشهور الكسر ، وبه جاء القرآن . قال تعالى : (فطفق مسحا بالسوق والأعناق ) . ( حمزة فيما فعل) .
قال النووي : وهذا الفعل الذي جرى من حمزة : لا إثم عليه في شيء منه ؛
أما أصل الشرب والسكر فكان مباحا ، لأنه قبل تحريم الخمر .
وأما باقي الأمور ، فجرت منه في حال عدم التكليف ، فلا إثم عليه فيها . كمن شرب دواء لحاجة ، فزال به عقله . أو شرب شيئا يظنه خلا ، فكان خمرا . أو أكره على شرب الخمر ، فشربها وسكر ؛ فهو في حال السكر غير مكلف . ولا إثم عليه فيما يقع منه في تلك الحال ، بلا خلاف .
وأما غرامة ما أتلفه ، فيجب في ماله ، فلعل عليا أبرأه من ذلك بعد معرفته بقيمة ما أتلفه . أو أنه أداه إليه حمزة بعد ذلك . أو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أداه عنه ، لحرمته عنده ، وكمال حقه ومحبته إياه وقرابته . وقد جاء في كتاب عمر بن شيبة ، من رواية أبي [ ص: 462 ] بكر بن عياش : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، غرم حمزة الناقتين ".
وقد أجمع العلماء : أن ما أتلفه السكران من الأموال ، يلزمه ضمانه . كالمجنون . فإن الضمان لا يشترط فيه التكليف . ولهذا أوجب الله تعالى في كتابه في قتل الخطأ : الدية ، والكفارة .
وأما هذا السنام المقطوع ، فإن لم يكن تقدم نحرهما : فهو حرام بإجماع المسلمين . لأن ما أبين من حي فهو ميت . وفيه حديث مشهور ، في كتب السنن .
ويحتمل : أنه ذكاهما . ويدل عليه : الشعر الذي قدمناه . فإن كان ذكاهما ، فلحمهما حلال باتفاق العلماء . إلا ما حكي عن عكرمة ، وإسحاق ، وداود : أنه لا يحل ما ذبحه سارق ، أو غاصب ، أو متعد . والصواب الذي عليه الجمهور : حله .
وإن لم يكن ذكاهما ، وثبت أنه أكل منهما : فهو أكل في حالة السكر المباح ، ولا إثم فيه . كما سبق . والله أعلم .
( وإذا nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة محمرة عيناه . فنظر nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم ، ثم صعد النظر إلى ركبتيه . ثم صعد [ ص: 463 ] النظر ، فنظر إلى سرته. ثم صعد النظر ، فنظر إلى وجهه . فقال حمزة : وهل أنتم إلا عبيد لأبي ؟ . فعرف رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم أنه ثمل) . بفتح الثاء وكسر الميم . أي : سكران .
( فنكص رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم ، على عقبيه القهقرى . وخرج ، وخرجنا معه) .
قال جمهور أهل اللغة ، وغيرهم : " القهقرى " : الرجوع إلى وراء ، ووجهه إليك : إذا ذهب عنك . وقال أبو عمرو : وهو الإحضار في الرجوع . أي : الإسراع . فعلى هذا معناه : خرج مسرعا . والأول هو المشهور المعروف .
وإنما رجع القهقرى : خوفا من أن يبدو من nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة أمر يكرهه ، لو ولاه ظهره ، لكونه مغلوبا بالسكر .