قال النووي : معناها : أنه يحرم شربها في الجنة ، وإن دخلها . فإنها من فاخر شراب الجنة . فيمنعها هذا العاصي بشربها في الدنيا .
[ ص: 470 ] قال : قيل : إنه ينسى شهوتها . لأن الجنة فيها كل ما يشتهي . وقيل : لا يشتهيها وإن ذكرها . ويكون هذا نقص نعيم في حقه ، تمييزا بينه وبين تارك شربها . انتهى .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي ( في شرح السنة) : معناه : لا يدخل الجنة . لأن الخمر شراب أهل الجنة . فإذا حرم شربها ، دل على أنه لا يدخل الجنة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : هذا وعيد شديد ، يدل على حرمان دخول الجنة ، لأن الله تعالى أخبر : أن في الجنة أنهارا من خمر لذة للشاربين . وأنهم لا يصدعون عنها ولا ينزفون . فلو دخلها " وقد علم أن فيها خمرا ، وأنه حرمها عقوبة له " : لزم وقوع الهم والحزن . والجنة لا هم فيها ولا حزن . وإن لم يعلم بوجودها في الجنة ، ولا أنه حرمها عقوبة له : لم يكن عليه في فقدها ألم . فلهذا قال بعض العلماء : إنه لا يدخل الجنة أصلا . قال : وهو مذهب غير مرضي .
قال : ويحمل الحديث عند أهل السنة : على أنه لا يدخلها ، ولا يشرب الخمر فيها ، إلا إن عفا الله عنه . كما في بقية الكبائر . وهو في المشيئة . فعلى هذا ؛ معنى الحديث : جزاؤه في الآخرة أن يحرمها [ ص: 471 ] لحرمانه دخول الجنة ، إلا إن عفا الله عنه . قال : وجائز أن يدخل الجنة بالعفو ، ثم لا يشرب فيها خمرا ولا تشتهيها نفسه ، وإن علم بوجودها فيها . ويؤيده : حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=692392 "من لبس الحرير في الدنيا ، لم يلبسه في الآخرة . وإن دخل الجنة، لبسه أهل الجنة ، ولم يلبسه" .
وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان . وقريب منه : حديث nindex.php?page=showalam&ids=13ابن عمرو ؛ رفعه : nindex.php?page=hadith&LINKID=687498 "من مات من أمتي - وهو يشرب الخمر - : حرم الله عليه شربها في الجنة " . أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بسند حسن . وقد زاد nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض على ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : احتمالا . وهو : أن المراد بحرمانه شربها : أنه يحبس عن الجنة مدة ، إذا أراد الله عقوبته . ومثله : الحديث الآخر : لم يرح رائحة الجنة " .
قال النووي : وفي هذا الحديث " أي: حديث الباب ": دليل على أن التوبة تكفر المعاصي الكبائر . وهو مجمع عليه . واختلف متكلمو أهل السنة : في أن تكفيرها قطعي أو ظني . قال : وهو الأقوى . انتهى . أي : كونه ظنيا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : من استقرأ الشريعة ، علم أن الله يقبل توبة الصادقين قطعا . وللتوبة الصادقة شروط مدونة في مواطن ذلك .
وظاهر الوعيد : أنه يتناول من شرب الخمر ، وإن لم يحصل له [ ص: 472 ] السكر . لأنه رتب الوعيد في الحديث ، على مجرد الشرب ، من غير تقييد . قال في الفتح : وهو مجمع عليه ، في الخمر المتخذ من عصير العنب . وكذا فيما يسكر من غيرها . وأما ما لا يسكر من غيرها ، فالأمر فيه كذلك عند الجمهور .