" الاختناث ": افتعال من. "الخنث ". وهو في الأصل : الانطواء والتكسر والانثناء . ومنه سمي الرجل المتشبه بالنساء "في طبعه وكلامه وحركاته " : مخنثا .
" والأسقية " : جمع "سقاء ". والمراد به : المتخذ من الأدم ، صغيرا كان أو كبيرا. وقيل : " القربة " قد تكون صغيرة ، وقد تكون كبيرة . " والسقاء " : لا يكون إلا صغيرا.
[ ص: 519 ] وفي رواية : "واختناثها : أن يقلب رأسها ، ثم يشرب منه " . هو مدرج . وقد جزم nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : أن تفسير الاختناث ، من كلام nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري .
وسبب النهي : أنه يقذره على غيره . وقيل : إنه ينتنه . وقيل : إنه لا يؤمن أن يكون في السقاء ما يؤذيه ، فيدخل في جوفه ولا يدري .
قال النووي : واتفقوا على أن النهي عن اختناثها : نهي تنزيه لا تحريم . كذا قال . وفي الاتفاق نظر ، فقد نقل ابن التين وغيره ، عن مالك : أنه أجاز الشرب من أفواه القرب ، وقال : لم يبلغني فيه نهي . قال الحافظ : لم أر في شيء من الأحاديث المرفوعة ؛ ما يدل على الجواز ، إلا من فعله صلى الله عليه وآله وسلم . وأحاديث النهي كلها من قوله ، فهي أرجح . وإذا نظرنا إلى علة النهي عن ذلك ، فإن جميع ما ذكره العلماء في ذلك يقتضي أنه مأمون منه ، صلى الله عليه وآله وسلم ؛ أما أولا : فلعصمته وطيب نكهته . وأما دخول شيء في فم الشارب ، فهو يقتضي أنه لو ملأ السقاء ، وهو يشاهد الماء الذي يدخل فيه ، ثم ربطه ربطا محكما ، ثم شرب منه : لم يتناوله النهي . انتهى .
وأما شربه صلى الله عليه وآله وسلم من قربة معلقة ، كما في حديث كبشة ، فالجمع بينه وبين حديث الباب
: بحمل الكراهة على التنزيه .
[ ص: 520 ] ويكون شربه صلى الله عليه وآله وسلم بيانا للجواز . ومن هنا قال النووي : هذا الحديث يدل على أن النهي ليس للتحريم . والله أعلم بالصواب .