( عن عبد الله بن حكيم قال : كنا مع حذيفة) رضي الله عنه ( بالمدائن . فاستسقى حذيفة ، فجاءه دهقان بشراب) .
[ ص: 521 ] " دهقان" بكسر الدال على المشهور . وحكي ضمها . ممن حكاه : صاحب المشارق والمطالع . وحكاهما عياض في الشرح ، عن حكاية nindex.php?page=showalam&ids=12074أبي عبيد . ووقع في نسخ صحاح الجوهري أو بعضها : مفتوحا . وهذا غريب . وهو زعيم فلاحي العجم . وقيل : زعيم القرية ورئيسها . وهو بمعنى الأول . وهو أعجمي معرب . قيل : النون فيه أصلية . مأخوذ من " الدهقنة ". وهي الرياسة . وقيل : زائدة . من " الدهق ". وهو الامتلاء. وذكره الجوهري في " دهقن " ، لكنه قال : إن جعلت نونه أصلية ، من قولهم " تدهقن الرجل . وله دهقنة موضع كذا ": صرفته . لأنه " فعلال " . وإن جعلته من " الدهق " : لم تصرفه . لأنه " فعلان " .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : يحتمل أنه سمى به من جمع المال ، وملأ الأوعية منه . يقال : دهقت الماء ، وأدهقته : إذا أفرغته . ودهق لي دهقة من ماله : أي أعطانيها . وأدهقت الإناء : أي ملأته . قالوا : يحتمل أن يكون من الدهقنة والدهمقة . وهي لين الطعام . لأنهم يلينون طعامهم وعيشهم ، لسعة أيديهم وأحوالهم . وقيل : لحذقه ودهائه . والله أعلم .
( في إناء من فضة فرماه به) . لأنه كان نهاه قبل ذلك عنه .
[ ص: 522 ] وفيه : تحريم الشرب فيه ، وتعزير من ارتكب معصية . لاسيما إن كان قد سبق نهيه عنها ؛ كقضية الدهقان مع nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة .
( وقال : إني أخبركم أني قد أمرته ، أن لا يسقيني فيه) .
فيه : أنه لا بأس أن يعزر الأمير بنفسه : بعض مستحقي التعزير .
وفيه : أن الأمير والكبير ؛ إذا فعل شيئا صحيحا في نفس الأمر ، ولا يكون وجهه ظاهرا ، فينبغي أن ينبه على دليله ، وسبب فعله ذلك .
( فإن رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم قال : لا تشربوا في إناء الذهب والفضة) . مفهومه : أن الحرام هو هذا الشرب . وكذا الأكل في أوانيهما . ولا يقاس عليه غير ذلك . قال في النيل : الحديث يدل على تحريم الأكل والشرب في آنيتهما ؛ أما الشرب فبالإجماع. وأما الأكل فأجازه داود ، والحديث يرد عليه . ولعله لم يبلغه . انتهى .
قال: وأما اتخاذ الأواني بدون استعمال، فذهب الجمهور إلى [ ص: 523 ] منعه . ورخصت فيه طائفة . انتهى . ولعل الرخصة هي الأصح . والله أعلم .
( ولا تلبسوا الديباج والحرير ، فإنه لهم في الدنيا) .
يعني : أن الكفار إنما يحصل لهم ذلك في الدنيا ، وما لهم في الآخرة من نصيب . وأما المسلمون فلهم في الجنة الحرير والذهب ، وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
وليس في الحديث حجة لمن يقول : " الكفار غير مخاطبين بالفروع". لأنه لم يصرح فيه بإباحته لهم . وإنما أخبر عن الواقع في العادة ، أنهم هم الذين يستعملونه في الدنيا ، وإن كان حراما عليهم ، كما هو حرام على المسلمين .
( وهو لكم في الآخرة ، يوم القيامة) . إنما جمع بينهما ، لأنه قد يظن أنه بمجرد موته صار في حكم الآخرة في هذا الإكرام . فبين أنه إنما هو في يوم القيامة وبعده في الجنة أبدا . ويحتمل أن المراد : أنه لكم في الآخرة من حين الموت ، ويستمر في الجنة أبدا . قاله النووي . والأول أولى .