( عن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي) رضي الله عنهما ، ( أن رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم أتي بشراب فشرب منه ، وعن يمينه غلام [ ص: 537 ] وعن يساره أشياخ . فقال للغلام : " أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ ") . هذا ظاهر في أنه : لو أذن له لأعطاهم .
ويؤخذ منه : جواز الإيثار بمثل ذلك . وهو مشكل على ما اشتهر من أنه لا إيثار بالقرب . وعبارة nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين في هذا : لا يجوز التبرع في العبادات . ويجوز في غيرها . وقد يقال : إن القرب أعم من العبادة . وقد أورد على هذه القاعدة : تجويز جذب واحد من الصف الأول ، ليصلي معه . فإن خروج المجذوب من الصف الأول : لقصد تحصيل فضيلة للجاذب . وهي الخروج من الخلاف في بطلان صلاته .
ويمكن الجواب : بأنه لا إيثار . إذ حقيقة الإيثار : إعطاء ما استحقه لغيره . وهذا لم يعط الجاذب شيئا . وإنما رجح مصلحته . لأن مساعدة الجاذب على تحصيل مقصوده : ليس فيها إعطاء ما كان يحصل للمجذوب لو لم يوافقه .
( فقال الغلام) . جاء في مسند " nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة ": أن هذا الغلام. هو " nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس " . ومن الأشياخ : nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد . فقيل : إنما استأذن هذا الغلام دون ذلك الأعرابي : إدلالا على الغلام ، " وهو ابن عباس " ، وثقة بطيب نفسه بأصل الاستئذان ، لا سيما والأشياخ أقاربه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : وفي بعض الروايات : "عمك وابن عمك ، أتأذن لي أن أعطيه ؟" . وفعل ذلك أيضا تألفا لقلوب الأشياخ . وإعلاما بودهم ، [ ص: 538 ] وإيثار كرامتهم . إذا لم تمنع منها سنة . وتضمن ذلك أيضا : بيان هذه السنة . وهي أن الأيمن أحق ، ولا يدفع إلى غيره إلا بإذنه ، وأنه لا بأس باستئذانه ، وأنه لا يلزمه الإذن . وينبغي له أيضا : أن لا يأذن إن كان فيه تفويت فضيلة أخروية ، ومصلحة دينية ، كهذه الصورة . وقد نص الشافعية وغيرهم من العلماء : على أنه لا يؤثر في "القرب ". وإنما الإيثار المحمود ، ما كان في حظوظ النفس دون الطاعات . قالوا : فيكره أن يؤثر غيره بموضعه من الصف الأول . وكذلك نظائره . وأما الأعرابي فلم يستأذنه : مخافة من إيحاشه في استئذانه في صرفه إلى أصحابه ، صلى الله عليه وآله وسلم . وربما سبق إلى قلب ذلك الأعرابي شيء يهلك به ، لقرب عهده بالجاهلية وأنفتها ، وعدم تمكنه في معرفته خلق رسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم . وقد تظاهرت النصوص على تألفه صلى الله عليه وآله وسلم : قلب من يخاف عليه .
( لا . والله ! لا أوثر بنصيبي منك أحدا . قال : فتله رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم في يده) . أي : وضعه فيها . "تله " بفتح التاء وتشديد اللام ؛ بمعنى : " وضعه " . وقال الخطابي : وضعه بعنف . وأصله من الرمي على التل . وهو المكان العالي المرتفع . ثم استعمل في كل شيء رمي به ، وفي كل إلقاء .
وقيل : وهو من " التلتل " بلام ساكنة بين تاءين مفتوحتين ، وآخره [ ص: 539 ] لام . وهو العنق . ومنه : " وتله للجبين ". أي : صرعه ، فألقى عنقه ، وجعل جبينه إلى الأرض .
قال الشوكاني : والتفسير الأول أليق بمعنى حديث الباب
. وقد أنكر بعضهم : تقييد الخطابي الوضع بالعنف .
وظاهر هذا : أن تقديم الذي على اليمين ، ليس لمعنى فيه . بل لمعنى من جهة اليمين ؛ وهو فضلها على جهة اليسار . فيؤخذ منه : أن ذلك ليس ترجيحا لمن هو على اليمين ؛ بل هو ترجيح لجهة اليمين .
وقد يعارض حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس وسهل هذا : حديث سهل بن أبي حثمة ، بلفظ : "كبر كبر". وكذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، الذي أخرجه أبو يعلى بسند قوي : ( قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=3503855كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، إذا سقى قال : " ابدءوا بالأكبر ") . ويجمع بأنه : محمول على الحالة التي يجلسون فيها متساوين . إما بين يدي الكبير أو عن يساره كلهم ، أو خلفه . قال ابن المنير : يؤخذ من هذا الحديث : أنها إذا تعارضت فضيلة الفاضل ، وفضيلة الوظيفة : اعتبرت فضيلة الوظيفة . انتهى .
[ ص: 540 ] قال النووي : وفي هذا الحديث : أنواع من العلم ؛