( عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة) رضي الله عنه ؛ (قال : كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم طعاما : لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم ، فيضع يده) .
( وإنا حضرنا معه مرة طعاما ، فجاءت جارية كأنها تدفع) . وفي الرواية الأخرى : " كأنها تطرد " . يعني : لشدة سرعتها .
( فذهبت لتضع يدها في الطعام ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ( وسلم بيدها . ثم جاء أعرابي كأنما يدفع . فأخذ بيده . فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم : إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه) .
معنى " يستحل " : يتمكن من أكله . أي: إن الشيطان يتمكن من أكل الطعام ، إذا شرع فيه إنسان بغير ذكر الله تعالى . وأما إذا لم يشرع فيه أحد ، فلا يتمكن . وإن كان جماعة : فذكر اسم الله بعضهم دون بعض ، لم يتمكن منه .
قال النووي : الصواب الذي عليه جماهير العلماء ؛ من السلف والخلف ، من المحدثين والفقهاء والمتكلمين : أن هذا الحديث ، وشبهه من الأحاديث الواردة في أكل الشيطان : محمولة على ظواهرها . وأن الشيطان يأكل حقيقة . إذ العقل لا يحيله . والشرع لم ينكره بل أثبته .
فوجب قبوله واعتقاده . والله أعلم . انتهى .
[ ص: 552 ] قلت : وفيه دلالة على وجود الشياطين . ومن أنكر ، فقد أنكر ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صريحا .
( وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها ، فأخذت بيدها . فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به ، فأخذت بيده . والذي نفسي بيده ! إن يده في يدي مع يدها) . هكذا في معظم الأصول .
وفي بعضها : " يدهما ". وهذا ظاهر . والتثنية تعود إلى الجارية والأعرابي . ومعناه : إن في يدي : يد الشيطان ، مع يد الجارية ، ويد الأعرابي . إلخ.
وأما على رواية الإفراد ، فيعود الضمير على الجارية .
وقد حكى عياض أن الوجه : " التثنية ". والظاهر أن رواية الإفراد أيضا مستقيما . فإن إثبات يدها ، لا ينفي يد الأعرابي . وإذا صحت الرواية بالإفراد : وجب قبولها ، وتأويلها على ما ذكرنا . قاله النووي . وفي رواية : "ثم ذكر اسم الله وأكل " .
ومنها : استحباب التسمية في ابتداء الطعام . وهذا مجمع عليه . وكذا يستحب حمد الله تعالى في آخره . كما في حديث آخر . وكذا استحبابها في أول الشرب . بل في أول كل أمر ذي بال . [ ص: 553 ] قال ابن القيم في "الهدي " : والصحيح : وجوب التسمية عند الأكل . وهو أحد الوجهين لأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وأحاديث الأمر بها صحيحة صريحة ، لا معارض لها . ولا إجماع يسوغ مخالفتها ، ويخرجها عن ظاهرها . وتاركها : يشركه الشيطان في طعامه وشرابه . انتهى .
قال النووي : قال أهل العلم : يستحب أن يجهر بالتسمية ليسمع غيره ، وينبهه عليها . ولو ترك التسمية في أول الطعام عامدا ، أو ناسيا ، أو جاهلا ، أو مكرها ، أو عاجزا لعارض آخر ، ثم تمكن في أثناء أكله منها : يستحب أن يسمي ، ويقول : بسم الله أوله وآخره . لحديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=675198إذا أكل أحدكم ؛ فليذكر اسم الله . فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله ، فليقل : بسم الله أوله وآخره". رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وغيرهما . قال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : حديث حسن صحيح .
قال النووي : والتسمية في شرب الماء ، واللبن ، والعسل ، والمرق ، والدواء ، وسائر المشروبات : كالتسمية على الطعام في كل ما ذكر . وتحصل التسمية بقوله : " باسم الله " . فإن قال : " بسم الله الرحمن الرحيم " كان حسنا. وسواء في استحباب التسمية : الجنب ، والحائض ، وغيرهما . وينبغي : أن يسمي كل واحد من الآكلين . فإن سمى واحد منهم : حصل أصل السنة . نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . ويستدل [ ص: 554 ] له : بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر : أن الشيطان إنما يتمكن من الطعام ، إذا لم يذكر اسم الله تعالى عليه . ولأن المقصود يحصل بواحد .