(عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب)، رضي الله عنه: (أن أكيدر دومة: أهدى إلى النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم: ثوب حرير).
أما "أكيدر": فبضم الهمزة وفتح الكاف. وهو أكيدر بن عبد الملك، الكندي. قال nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب البغدادي، في كتابه "المبهمات": كان نصرانيا، ثم أسلم. قال: وقيل: بل مات نصرانيا. وقال ابن [ ص: 35 ] منده، nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم الأصفهاني؛ في كتابيهما في معرفة الصحابة: إن "أكيدر" هذا أسلم، وأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حلة سيراء. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير، في كتابه "معرفة الصحابة": أما الهدية والمصالحة؛ فصحيحان. وأما الإسلام، فغلط. قال: لأنه لم يسلم، بلا خلاف بين أهل السير. ومن قال: أسلم، فقد أخطأ، خطأ فاحشا. قال: وكان "أكيدر" نصرانيا، فلما صالحه النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: عاد إلى حصنه وبقي فيه. ثم حاصره nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد، في زمان nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقتله مشركا نصرانيا. يعني: لنقضه العهد. قال: وذكر البلاذري: أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعاد إلى "دومة". فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ارتد أكيدر. فلما سار خالد من العراق إلى الشام: قتله. وعلى هذا القول، لا ينبغي أيضا: عده في الصحابة. انتهى.
وأما "دومة": فبضم الدال، وفتحها. لغتان مشهورتان. وزعم "ابن دريد": أنه لا يجوز إلا الضم، وأن المحدثين يفتحونها، وأنهم غالطون في ذلك. وليس كما قال. بل هما لغتان. قالالجوهري : أهل الحديث يقولونها بالضم. وأهل اللغة يفتحونها. ويقال لها [ ص: 36 ] أيضا: "دوماء". وهي مدينة لها حصن عادي. وهي في برية، في أرض نخل وزرع، يسقون بالنواضح. وحولها عيون قليلة. وغالب زرعهم: "الشعير". وهي عن المدينة: على نحو ثلاث عشرة مرحلة. وعن دمشق: على نحو عشرة مراحل. وعن الكوفة: على قدر عشرة مراحل أيضا. قال الشاعر:
حمامة جرعى دومة الجندل اسجعي فأنت بمرأى من سعاد ومسمع
(فأعطاه nindex.php?page=showalam&ids=8عليا)؛ كرم الله وجهه، (فقال: شققه خمرا)؛ بضم الميم: جمع "خمار".
[ ص: 37 ] (بين الفواطم). قال الهروي، والأزهري، والجمهور: إنهن ثلاث: nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، nindex.php?page=showalam&ids=11108وفاطمة بنت أسد؛ وهي "أم nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب"، وهي أول هاشمية ولدت هاشميا، وفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب.
وذكر الحافظان: عبد الغني بن سعيد، nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر؛ بإسنادهما: أن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا رضي الله عنه، قسمه بين الفواطم الأربع. فذكرا هؤلاء الثلاث.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض، وابن رسلان: يشبه أن تكون الرابعة: "فاطمة بنت شيبة بن ربيعة"؛ امرأة عقيل بن أبي طالب؛ لاختصاصها بعلي بالمصاهرة، وقربها إليه بالمناسبة. وهي من المبايعات. شهدت مع النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: "حنينا". ولها قصة مشهورة في الغنائم، تدل على ورعها.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: nindex.php?page=showalam&ids=11108فاطمة بنت أسد "أم nindex.php?page=showalam&ids=8علي"، كانت منهن. وهو مصحح لهجرتها، كما قاله غير واحد. خلافا لمن زعم: أنها ماتت قبل الهجرة.
قال: "والمصمت" بضم الميم الأولى، وفتح الثانية المخففة: وهو الذي جميعه حرير، لا يخالطه قطن ولا غيره. قاله ابن رسلان.
قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس؛ في الحديث المذكور: "أما السدى والعلم: فلا نرى به بأسا".
"والسدى": على زنة "الحصى". ويقال: "ستى". لغتان؛ بمعنى واحد، وهو خلاف "اللحمة": وهو ما مد طولا في النسج. "والعلم": هو رسم الثوب ورقمه. قاله في القاموس. وذلك كالطراز والسجاف.
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: يدل على حل لبس الثوب؛ المشوب بالحرير. وقد اختلف الناس في ذلك. وليس في الباب دليل، إلا هذا الحديث. وهو غير صالح للاحتجاج من وجهين:
الأول: الضعف في إسناده؛ إذ فيه "خصيف بن عبد الرحمن"، وقد ضعفه غير واحد.
[ ص: 40 ] الثاني: أنه أخبر بما بلغه، من قصر النهي على المصمت. وغيره أخبر بما هو أعم من ذلك، كما تقدم في "حلة سيراء". والقول: بأنها هي الحرير الخالص؛ كما قال بعضهم: ممنوع. والسند ما تقدم عن أئمة اللغة. بل حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي المتقدم: "ما أصنع بها؟ إلخ"؛ صريح بأن تلك "السيراء": كانت مخلوطة؛ لا حرير خالص. ومن ذلك: حديث "أبي ريحانة" عند nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه. وفيه: النهي عن عشر؛ منها:
أن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريرا، مثل الأعاجم. وأن يجعل على منكبيه حريرا مثلهم. وقد وردت الأحاديث في تحريم الحرير؛ بلا تقييد. فالظاهر منها: تحريم ماهية الحرير؛ سواء وجدت منفردة، أو مختلطة بغيرها. ولا يخرج عن التحريم: إلا ما استثناه الشارع؛ من مقدار الأربع الأصابع من الحرير الخالص. وسواء وجد ذلك المقدار: مجتمعا؛ كما في القطعة الخالصة، أو مفرقا؛ كما في الثوب المشوب. وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس؛ لا يصلح لتخصيص تلك العمومات، ولا لتقييد تلك الإطلاقات. ولا متمسك للجمهور القائلين: بحل المشوب؛ إذا كان الحرير مغلوبا، إلا قول ابن [ ص: 41 ] عباس فيما أعلم. فانظر أيها المنصف: هل يصلح جعله جسرا؛ تذاد عنه الأحاديث، الواردة في تحريم مطلق الحرير، ومقيده؟ وهل ينبغي التعويل عليه، في مثل هذا الأصل العظيم؛ مع ما في إسناده من الضعف، الذي يوجب سقوط الاستدلال به، على فرض تجرده عن المعارضات؟ فرحم الله "ابن دقيق العيد"! فلقد حفظ الله به في هذه المسألة: أمة نبيه، صلى الله عليه وآله وسلم؛ عن الإجماع على الخطأ. ولا يمكن أن يقال: إن "خصيفا" المذكور في إسناد الحديث؛ قد وثقه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين وأبو زرعة. واعتضد الحديث بوروده من وجهين آخرين: أحدهما صحيح؛ لإخراج nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم إياه بإسناد صحيح. والآخر حسن؛ لإخراج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني إياه بإسناد حسن. فانتهض الحديث للاحتجاج به.
فإن قلت: قد صرح الحافظ: أن "عهدة الجمهور" في جواز لبس ما خالطه الحرير، إذا كان غير الحرير أغلب: ما وقع في تفسير "حلة سيراء". قلت: ليس في أحاديثها، ما يدل على أنها حلال. بل جميعها قاضية بالمنع منها؛ كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي، وغيرهما.
[ ص: 42 ] فإن فسرت بالثياب المخلوطة بالحرير، كما قال جمهور أهل اللغة: كانت حجة على الجمهور، لا لهم.
وإن فسرت بأنها الحرير الخالص: فأي دليل فيها: على جواز لبس المخلوط؟ وهكذا؛ إن فسرت بسائر التفاسير المتقدمة.
والحاصل: أنه لم يأت المدعون للحل بشيء؛ تركن النفس إليه. وغاية ما جادلوا به: أنه قول الجمهور. وهذا أمر هين. والحق لا يعرف بالرجال.
وأما دعوى الإجماع، التي ذكرها بعضهم: فما هي بأول دعاويه. على أن الراجح عند من أطلق نفسه، عن وثاق العصبية الوبية: عدم حجية الإجماع - إن سلم إمكانه، ووقوعه، ونقله، والعلم به - وإن كان الحق: منع الكل.
[ ص: 43 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي: قال بعضهم: إن هذا الرجل: عبد الله بن خازم؛ "أمير خراسان". قال المنذري: عبد الله بن خازم هذا، بالخاء المعجمة والزاي؛ كنيته: "أبو صالح"، وذكر بعضهم: أن له صحبة، وأنكرها بعضهم. انتهى.
وعبد الله بن سعد هذا؛ هو عبد الله بن سعد بن عثمان، الدشتكي الرازي. روى عنه هذا الحديث: ابنه "عبد الرحمن". وليس له في الكتب غيره. وقد وثقه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان. وقد ساق هذا الحديث: " nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في سننه؛ من طريق "أحمد بن عبد الرحمن" المذكور. ولعل "ابن خازم"، هو الرجل المبهم، في الحديث.
ووجه الاستدلال: أن في النهاية: أن "الخز" الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مخلوط من صوف وحرير. وقال في "المشارق": إن "الخز": ما خلط من الحرير والوبر.
[ ص: 44 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير أيضا: "الخز": ثياب تنسج من صوف وأبريسم. وهي مباحة. قد لبسها الصحابة والتابعون. وأجيب عنه: بأن الخز ليس هو الثوب المشوب، بل الخز اسم دابة، ثم أطلق على الثوب المتخذ من وبرها.
وقال المنذري: أصله من "وبر الأرنب"، ويسمى ذكره: "الخز".
وأيضا يمكن أن يقال: بأن غاية ما في الحديث: أنه أخبر بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ "كساه عمامة الخز". ولا يستلزم ذلك: جواز اللبس. وقد ثبت من حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي؛ عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبي داود، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي: "أنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=681957كساني رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم؛ حلة سيراء، فخرجت بها، فرأيت الغضب في وجهه، فأطرتها خمرا بين نسائي". هذا لفظ الحديث؛ في التيسير. فلم يلزم من قول nindex.php?page=showalam&ids=8علي "كساني": جواز اللبس. وهكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، لما بعث إليه النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، بحلة سيراء: "يا رسول الله! كسوتنيها". الحديث.
وعطف الحرير على الخز: يشعر بأنهما متغايران. والحديث: يدل على تحريمهما؛ للتوعد عليهما في آخر الحديث: بالخسف والمسخ.
وكذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية، يرفعه: nindex.php?page=hadith&LINKID=675523 "لا تركبوا الخز ولا النمار". رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود . وإسناد رجاله ثقات. وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه.
فالاستدلال بحديث "ابن خازم"؛ على جواز المذكور - لبس المشوب -: أحسن استدلال، لولا أنه يمنع من صلاحيته [ ص: 46 ] للاحتجاج به على المطلوب: ما ذكرنا. على أن النزاع في مسمى "الخز" بمجرده: مانع مستقل. إذ هو لا يدل على ذلك؛ إلا على أحد التفاسير للخز. وقد تقدم ذكر بعضها. وهو لا يصلح للدلالة على المطلوب.