وقال النووي : (كتاب الآداب). وهذا أول الجزء الخامس منه. وقد نجز الجزء الرابع من تحرير الشرح، بحوله وقوته سبحانه وتعالى. ولله الحمد. وفقنا الله تعالى، لإتمام هذا الجزء وشرحه، كما من علينا بإتمام ما قبله من الأجزاء.
باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي
اختلف أهل العلم، في هذه المسألة على مذاهب، جمعها nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض وغيره:
أحدها: مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: وأهل الظاهر: أنه لا يحل التكني "بأبي القاسم" لأحد أصلا، سواء كان اسمه محمدا، أو nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، أم لم يكن. لظاهر هذا الحديث.
والثاني: أن هذا النهي منسوخ. وكان هذا الحكم، في أول الأمر للمعنى المذكور، ثم نسخ. فيباح التكني اليوم "بأبي القاسم"، لكل أحد، سواء من اسمه: محمد، أو nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، أو غيره، وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك. قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: وبه قال جمهور السلف، وفقهاء الأمصار، وجمهور العلماء. قالوا: وقد اشتهر أن جماعة في العصر الأول، تكنوا "بأبي القاسم"، وفيما بعد ذلك، إلى اليوم. مع كثرة فاعل ذلك وعدم الإنكار.
[ ص: 162 ] الثالث: مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير: أنه ليس بمنسوخ. وإنما كان النهي للتنزيه والأدب، لا للتحريم.
الرابع: أن النهي المذكور، مختص بمن اسمه: محمد، أو nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد. ولا بأس بالكنية وحدها، لمن لا يسمى بواحد من الاسمين. وهذا قول جماعة من السلف. وجاء فيه حديث مرفوع.
الخامس: أنه ينهى عن التكني به مطلقا. والنهي عن التسمية بالقاسم، لئلا يكنى أبوه "بأبي القاسم". وقد غير nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم: اسم ابنه "عبد الملك"، حين بلغه هذا الحديث، فسماه: "عبد الملك"، وكان سماه أولا: "القاسم". وفعله بعض الأنصار أيضا.
السادس: أن التسمية بمحمد، ممنوعة مطلقا. سواء كان له كنية، أم لا. وجاء فيه حديث عن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: "تسمون أولادكم: محمدا، ثم تلعنونهم". وكتب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلى الكوفة: لا تسموا أحدا باسم نبي. وأمر جماعة بالمدينة بتغيير أسماء أبنائهم "محمد"، حتى ذكر له جماعة: أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم؛ أذن لهم في ذلك وسماهم به، فتركهم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: والأشبه: أن فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر هذا؛ إعظام لاسم النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، لئلا ينتهك الاسم، كما سبق في الحديث: "تسمونهم محمدا، ثم تلعنونهم".
وقيل: سبب نهي عمر: أنه سمع رجلا، يقول لمحمد بن زيد بن الخطاب: فعل الله بك، يا محمد! فدعاه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، فقال: أرى رسول [ ص: 163 ] الله، صلى الله عليه وآله وسلم: يسب بك. والله! لا تدعى "محمدا" ما بقيت. وسماه: "عبد الرحمن". والله أعلم.