(عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه، (عن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: إياكم) هي للتحذير. (والجلوس) ، بالنصب (في الطرقات) . وفي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري: "بالطرقات". وفي رواية: "على الطرقات". وهي: جمع "طرق" بضمتين. وطرق: جمع "طريق".
(قالوا: يا رسول الله! ما لنا بد من مجالسنا، نتحدث فيها) .
[ ص: 210 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: فيه: دليل على أن أمره لهم: لم يكن للوجوب، وإنما كان: على طريق الترغيب والأولى، إذ لو فهموا الوجوب؛ لم يراجعوه هذه المراجعة. وقد يحتج به: من لا يرى الأوامر على الوجوب.
(قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "فإذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه") . الطريق: يذكر، ويؤنث.
(قالوا: وما حقه؟ قال: "غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر") . وزاد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، في رواية: "وحسن الكلام". وفي أخرى: "وإرشاد ابن السبيل، وتشميت العاطس". وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، عند nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود: "وتغيثوا الملهوف، وتهدوا الضال". وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس؛ عند nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار "وأعينوا على الحمولة". وفي حديث سهل؛ عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني: "وذكر الله كثيرا". وعنده، في حديث وحشي بن حرب: "واهدوا الأغبياء، وأعينوا المظلوم".
[ ص: 211 ] ومجموع ما في هذه الأحاديث: أربعة عشر أدبا، نظمها الحافظ في ثلاث أبيات، وذكرها في الفتح، وهي:
جمعت آداب من رام الجلوس على الطريق، من قول خير الخلق إنسانا أفش السلام، وأحسن في الكلام وشمت عاطسا، وسلاما رد إحسانا في الحمل: عاون، ومظلوما: أعن، وأغث لهفان، أرشد سبيلا، واهد حيرانا بالعرف مر وانه عن نكر وكف أذى وغض طرفا وأكثر ذكر مولانا
قال النووي: هذا الحديث: كثير الفوائد. وهو من الأحاديث الجامعة، وأحكامه ظاهرة. وينبغي: أن يجتنب الجلوس في الطرقات؛ لهذا الحديث. ويدخل في كف الأذى: اجتناب الغيبة، وظن السوء، وإحقار بعض المارين. وتضييق الطريق. وكذا: إذا كان القاعدون ممن يهابهم المارون، أو يخافون منهم، ويمتنعون من المرور في أشغالهم بسبب ذلك؛ لكونهم لا يجدون طريقا، إلا ذلك الموضع.
قال الحافظ: وقد اشتمل على معنى علة النهي عن الجلوس في [ ص: 212 ] الطرق: التعرض للفتن بخطوب الشواب، وخوف ما يلحق من النظر إليهن من ذلك، إذ لم يمنع النساء، من المرور في الشوارع لحوائجهن والتعرض لحقوق الله تعالى، وللمسلمين، مما لا يلزم الإنسان، إذا كان في بيته. وحيث لا ينفرد ويشتغل بما يلزمه، ومن رؤية المناكير، وتعطيل المعارف. فيجب على المسلم: الأمر والنهي؛ عند ذلك. فإن ترك ذلك: فقد تعرض للمعصية. وكذا يتعرض لمن يمر عليه ويسلم عليه؛ فإنه ربما كثر ذلك، فيعجز عن الرد على كل مار، (ورده فرض) : فيأثم. والمرء مأمور: بأن لا يتعرض للفتن، وإلزام نفسه ما لعله لا يقوى عليه. فهداهم الشارع إلى: ترك الجلوس؛ حسما للمادة. فلما ذكروا له ضرورتهم، لما فيه من المصالح: من تعاهد بعضهم بعضا، ومذاكرتهم في أمور الدين، ومصالح الدنيا، وترويح النفوس، بالمحادثة في المباح: دلهم على ما يزيل المفسدة، من الأمور المذكورة. قال: ولكل من الآداب المذكورة: شواهد في أحاديث أخرى. ثم ذكرها. والله أعلم بالصواب.