فيه النهي: عن ابتداء السلام، على أهل الكتاب. وبه تظاهرت الأدلة الصحيحة الصريحة؛ من السنة المطهرة. قال النووي: ودليلنا في الابتداء: هذا الحديث. وفي الرد: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "فقولوا: وعليكم". قال: وبهذا قال أكثر العلماء، وعامة السلف. وذهبت طائفة: إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام. روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=481وأبي أمامة، وابن أبي محيريز. واحتج هؤلاء: بعموم الأحاديث، وبإفشاء السلام. وهي حجة باطلة. لأنه عام؛ مخصوص [ ص: 239 ] بحديث: "لا تبدأوا". وقال بعض أصحابنا. يكره الابتداء، ولا يحرم. وهذا ضعيف أيضا؛ لأن النهي للتحريم. قال: فالصواب تحريم ابتدائهم. وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن جماعة: أنه يجوز ابتداؤهم به؛ للضرورة، والحاجة، والسبب. وهو قول علقمة، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي. وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي: إن سلمت، فقد سلم الصالحون. وإن تركت؛ فقد ترك الصالحون. انتهى. قلت: آخر حديث الباب؛ يدل على اضطرارهم إلى أضيق الطريق. وهو يؤيد: أن النهي عن الابتداء للتحريم. ولا يعارضه فعل بعض السلف. ولكن أنى لنا هذا في هذا الزمان؟ بل منذ زمن كثير. وكأن هذه الشريعة صارت كالمنسوخة، وليس في المسلمين من يعمل بها. اللهم! إلا شرذمة قليلة غرباء. لا يعرفونهم، ولا يعرفهم أهل الكتاب. قال النووي: قال أصحابنا، لا يترك للذمي صدر الطريق. بل يضطر إلى أضيقه؛ إذا كان المسلمون يطرقون. فإن خلت الطريق عن الزحمة؛ فلا حرج. وليكن التضييق، بحيث لا يقع في وهدة، ولا يصدمه جدار ونحوه. والله أعلم بالصواب.