أحدها: يكون للإنسان ولي من الجن، يخبره بما يسترقه من "السمع من السماء". وهذا القسم باطل، من حين بعث الله نبينا، صلى الله عليه وآله وسلم.
الثاني: أن يخبره بما يطرأ أو يكون، في أقطار الأرض. وما خفي عنه، مما قرب أو بعد. وهذا لا يبعد وجوده. ونفت المعتزلة، وبعض [ ص: 397 ] المتكلمين: هذين الضربين، وأحالوهما. ولا استحالة في ذلك، ولا بعد في وجوده. لكنهم يصدقون ويكذبون. والنهي عن تصديقهم، والسماع منهم: عام.
الثالث: المنجمون. وهذا الضرب، يخلق الله تعالى فيه لبعض الناس قوة ما، لكن الكذب فيه أغلب. ومن هذا الفن: العرافة. وصاحبها: عراف. وهو الذي يستدل على الأمور: بأسباب ومقدمات، يدعي معرفتها بها، وقد يعتضد بعض هذا الفن ببعض في ذلك: بالزجر والطرق، والنجوم، وأسباب معتادة. وهذه الأضرب كلها تسمى: "كهانة". وقد أكذبهم كلهم: الشرع، ونهى عن تصديقهم وإتيانهم. والله أعلم. انتهى كلام القاضي. وهذا العلم، وما يتصل به من علوم أخرى، كانت للجاهلية. قد ذكرنا حدوده ومباديه وغاياته، في كتابنا: "أبجد العلوم"، على وجه البسط. فإن شئت أن تعلم حقائقه وما فيه وما عليه، فارجع إلى ذلك الكتاب، الجامع لجميع الفنون والعلوم. ولعلك لا تجد مثله في بابه، إن شاء الله تعالى.
باب: النهي عن إتيان الكهان، وذكر الخط
وأورده النووي في: (باب تحريم الكهانة، وإتيان الكهان).
فيه حديث "معاوية بن الحكم السلمي"، رضي الله عنه. وقد تقدم في كتاب الصلاة: أوله.
[ ص: 398 ] (حديث الباب)
وهو بصحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم \ النووي، ص 20- 24 جـ5، المطبعة المصرية
وقد تقدم أيضا: شرح هذا الحديث، في "كتاب الصلاة" بطوله. وذكره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هاهنا مختصرا، بلفظ: (عن معاوية بن الحكم السلمي; قال: قلت: يا رسول الله! أمورا كنا نصنعها في الجاهلية. كنا نأتي الكهان. قال: "فلا تأتوا الكهان". قال: قلت: كنا نتطير. قال: "ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه، فلا يصدنكم").
معناه: أن كراهة ذلك، تقع في نفوسكم في العادة. لكن لا تلتفتوا إليه، ولا ترجعوا عما كنتم عزمتم عليه، قبل هذا.
وقد صح عن "عروة بن عامر" الصحابي، قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=675341 (ذكرت الطيرة، عند رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، فقال: "أحسنها: الفأل. ولا يرد مسلما. فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم! لا يأتي بالحسنات إلا أنت. ولا يدفع السيئات إلا أنت. ولا حول ولا قوة إلا بك"). رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود بإسناد صحيح. وزاد في رواية أخرى: قال: قلت: ومنا رجال يخطون. قال: "كان نبي من [ ص: 399 ] الأنبياء يخط، فمن وافق خطه، فذاك". هذه الرواية قد سبق شرحها أيضا، في "كتاب الصلاة".