(عن الشريد) بفتح الشين وكسر الراء. على زنة "بريد". وهو: الشريد بن سويد، الثقفي، الصحابي، رضي الله عنه; (قال : ردفت رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم يوما، فقال: "هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت: شيء؟" هكذا في بعض النسخ: بالرفع. ووقع في معظم النسخ: "شيئا". وعلى هذا يقدر فيه محذوف. أي: هل معك من شيء، فتنشدني شيئا؟ (قلت: نعم. قال: "هيه". بكسر الهاء، وإسكان الياء، وكسر الهاء الثانية. قالوا: والهاء الأولى، بدل من الهمزة. وأصله: "إيه". وهي كلمة للاستزادة من الحديث المعهود. قال nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت: هي للاستزادة من حديث أو عمل، معهودين. قالوا: وهي مبنية على الكسر -فإن وصلتها، نونتها- فقلت: "إيه حدثنا". أي: زدنا من هذا الحديث. فإن أردت الاستزادة من غير معهود، نونت، فقلت: "إيه" لأن التنوين للتنكير. وأما "إيها" بالنصب، فمعناه: الكف، والأمر بالسكوت. (فأنشدته بيتا. فقال: "هيه".
[ ص: 429 ] فأنشدته بيتا، فقال: "هيه" حتى أنشدته مائة بيت).
مقصود الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم; استحسن شعر "أمية"، واستزاد من إنشاده؛ لما فيه من الإقرار بالوحدانية، والبعث.
وفي رواية: (استنشدني رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم. وزاد; قال: "إن كاد ليسلم"). ففيه: جواز إنشاد الشعر الذي لا فحش فيه، وسماعه، سواء: شعر الجاهلية، وغيرهم. وأن المذموم من الشعر الذي لا فحش فيه: إنما هو الإكثار منه، وكونه غالبا على الإنسان. فأما يسيره: فلا بأس بإنشاده، وسماعه، وحفظه. قاله النووي: قلت: الحديث يدل على إكثار السماع من الأشعار، في حالة واحدة. إذا كانت خالية عن منكرات المباني والمعاني. وتكون في حمد الله تعالى، أو نعت نبيه، صلى الله عليه وآله وسلم، أو منقبة الصلحاء من أمته، أو ترجمة لآية أو حديث، أو محتوية على معنى رشيق. ولا قباحة في إبداء معان جديدة حسنة، اشتملت على وصف المحبوب، أو على تذكر جيرانه ودياره، وما يتصل بذلك. ويدل لهذا: قصائد "كعب بن زهير"، وغيره. فإنه لم ينكر عليه أحد من السلف، وكذا على من اقتفى أثره في ذلك.
والحاصل: أن الشعر كلام موزون. حسنه حسن، وقبيحه قبيح.