قال أهل اللغة والغريب: "يريه" بفتح الياء وكسر الراء، من "الوري". وهو داء يفسد الجوف. ومعناه: قيحا يأكل جوفه، ويفسده. والمراد: أن يكون الشعر غالبا عليه، مستوليا عليه، بحيث [ ص: 433 ] يشغله عن القرآن والحديث، وغيره من العلوم الشرعية النافعة، وذكر الله تعالى، وهذا مذموم من أي شعر كان. فأما إذا كان القرآن، والحديث، وغيرهما من العلوم الدينية، هو الغالب عليه: فلا يضر حفظ اليسير منه مع هذا؛ لأن جوفه ليس ممتلئا شعرا.
وقال العلماء كافة: هو مباح، ما لم يكن فيه فحش ونحوه. قالوا: وهذا هو الصواب، فقد سمع النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: الشعر، واستنشده، وأمر به حسان في هجاء المشركين، وأنشده أصحابه بحضرته، في الأسفار وغيرها، وأنشده الخلفاء، وأئمة الصحابة، وفضلاء السلف، ولم ينكره أحد منهم على إطلاقه. وإنما أنكروا المذموم منه. وهو الفحش ونحوه.
وأما تسميته هذا الرجل "شيطانا": فلعله كان كافرا، أو كان الشعر هو الغالب عليه، أو كان شعره هذا من المذموم.
[ ص: 434 ] وبالجملة; فتسميته "شيطانا"; إنما هو في قضية عين، تتطرق إليها الاحتمالات المذكورة وغيرها. ولا عموم لها، فلا يحتج بها. والله أعلم. انتهى.
وهذا الذي صححه النووي: هو المختار. وبه قال جمهور العلماء، من المتقدمين والمتأخرين. وعليه العمل في جميع الأعصار والأمصار.
"والعرج" بفتح العين وسكون الراء، هي قرية جامعة، من عمل الفرع، على نحو ثمانية وتسعين ميلا من المدينة. على صاحبها الصلاة والسلام والتحية.