وهو بصحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم \ النووي، ص17-19 جـ15، المطبعة المصرية
[حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15020عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدثنا سليمان (يعني ابن بلال)، عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12031أبا سلمة بن عبد الرحمن، يقول: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=60أبا قتادة، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: nindex.php?page=hadith&LINKID=661204 "الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئا يكرهه، فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره" فقال: "إن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من جبل، فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث، فما أباليها"].
(الشرح)
(عن أبي سلمة) رضي الله عنه: (قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=60أبا قتادة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، يقول: الرؤيا) يراها الشخص في النوم مما يسره: (من الله، سبحانه وتعالى).
(والحلم) بضم الحاء، وسكون اللام. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14486السفاقسي: بضمهما. وهو ما يراه النائم، من الأمر الفظيع المهول. قال ابن نفيس "في الشامل": قد تحدث الأحلام لأمر في المأكول، وذلك بأن يكون كثير التبخير، أو التدخين، فإذا تصعد ذلك إلى الدماغ، وصادف [ ص: 455 ] انفتاح البطن الأوسط منه، (وهو من شأنه أن يكون منفتحا، حال النوم): حرك ذلك البخار أو الدخان: أرواح الدماغ وغيرها، عن أوضاعها، فيعرض عن ذلك: أن تختلط الصور، التي في مقدم الدماغ: بعضها ببعض، وينفصل بعضها عن بعض، فيحدث من ذلك: صور، ليست على وفق الصور الواردة من الحواس، والقوة التي تدرك تلك الصور حينئذ. ويلزم ذلك: أن يحكم على تلك الصور بمعان تناسبها، فتكون تلك المعاني لا محالة مخالفة للمعاني المعهودة؛ فلذلك تكون الأحلام حينئذ: مشوشة فاسدة.
وقد تحدث الأحلام لأمر مهم، يتفكر فيه في اليقظة، فيستمر على القوة المفكرة في ذلك، فيكون أكثر ما يرى متعلقا به. وهذا مثل الصنائع والفكر، في العلوم، وكثيرا ما يكون الفكر صحيحا؛ لأن القوة تكون حينئذ قد قويت، بما عرض لها من الراحة، ولأجل توفر الأرواح حينئذ: على القوى الباطنة؛ فلذلك كثيرا ما ينحل حينئذ: مسائل مشكلة، وشبه معضلة. وكثيرا ما تستنتج الفكرة حينئذ مسائل لم تخطر أولا بالبال؛ وذلك لتعلقها بالفكرة المتقدمة في اليقظة.
وهذه الوجوه من الأحلام: لا اعتبار لها، في التعبير. وأكثر من تصدق أحلامه من يتجنب الكذب، فلا يكون لمخيلته عادة لوضع الصور والمعاني الكاذبة؛ ولذلك الشعراء يندر جدا: صدق أحلامهم، [ ص: 456 ] لأن الشاعر من عادته: التخيل لما ليس واقعا. وأكثر فكره: إنما هو في وضع الصور والمعاني الكاذبة. انتهى.
(من الشيطان) إضافة "الحلم" إليه؛ لكونه على هواه ومراده. أو لأنه الذي يخيل فيه، ولا حقيقة له في نفس الأمر. أو لأنه يحضره، لا أنه يفعله؛ إذ كل: مخلوق لله تعالى.
والظاهر: أن المضاف إلى الله، لا يقال له: "حلم". والمضاف إلى الشيطان، لا يقال له: "رؤيا". وهو تصرف شرعي. وإلا، فالكل يسمى: "رؤيا". وفي حديث آخر: "الرؤيا ثلاث" فأطلق على كل: "رؤيا".
قال nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري: مذهب أهل السنة في حقيقة الرؤيا: أن الله تعالى يخلق في قلب النائم: اعتقادات، كما يخلقها في قلب اليقظان. وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، لا يمنعه نوم ولا يقظة، فإذا خلق هذه الاعتقادات، فكأنه جعلها علما على أمور أخر، يخلقها في ثاني الحال. أو كان قد خلقها. فإذا خلق في قلب النائم الطيران "وليس بطائر" فأكثر ما فيه: أنه اعتقد أمرا على خلاف ما هو، فيكون ذلك الاعتقاد علما على غيره، كما يكون خلق الله سبحانه وتعالى "الغيم": علما على المطر. والجميع: خلق الله تعالى. ولكن يخلق الرؤيا والاعتقادات التي جعلها علما على ما يسر بغير حضرة الشيطان. ويخلق ما هو علم على ما يضر بحضرة الشيطان.
[ ص: 457 ] فينسب إلى الشيطان مجازا؛ لحضوره عندها. وإن كان لا فعل له حقيقة. وهذا معنى قوله، صلى الله عليه وآله وسلم: "الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان" لا على أن الشيطان يفعل شيئا. فالرؤيا: اسم للمحبوب. والحلم: اسم للمكروه.
(فإذا رأى أحدكم: شيئا يكرهه; فلينفث عن يساره: ثلاث مرات، وليتعوذ بالله من شرها؛ فإنها لن تضره).
وفي رواية: "فليبصق على يساره حين يهب من نومه ثلاث مرات".
وفي أخرى: "فليتفل عن يساره".
فحاصله: ثلاثة، أنه جاء: (فلينفث، وفليبصق. وفليتفل) وأكثر الروايات: "فلينفث". ومن قال: إنها بمعنى; فلعل المراد بالجميع: "النفث". وهو نفخ لطيف بلا ريق. ويكون البصق والتفل: محمولين عليه مجازا.
والمعنى: أن الله تعالى جعل هذا سببا لسلامته من مكروه، يترتب عليها، كما جعل الصدقة وقاية للمال، وسببا لدفع البلاء. فينبغي أن يجمع بين هذه الروايات، ويعمل بها كلها، فإذا رأى ما [ ص: 458 ] يكرهه: نفث عن يساره ثلاثا، قائلا: "أعوذ بالله، من الشيطان الرجيم، ومن شرها" وليتحول إلى جنبه الآخر، وليصل ركعتين. فيكون قد عمل بجميع الروايات. وإن اقتصر على بعضها: أجزأه، في دفع ضررها، بإذن الله تعالى، كما صرحت به الأحاديث.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: وأمر بالتفث ثلاثا: (طردا للشيطان، الذي حضر رؤياه المكروهة: تحقيرا له، واستقذارا) وخصت به اليسار؛ لأنها محل الأقذار والمكروهات، ونحوها. واليمين: ضدها.
(فقال: إن كنت لأرى الرؤيا، أثقل علي من جبل. فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث، فلا أباليها).
وفي رواية أخرى: "كنت أرى الرؤيا، أعرى منها، غير أني لا أزمل".
"أعرى": بضم الهمزة، وإسكان العين، وفتح الراء. أي: "أحم" لخوفي من ظاهرها، في معرفتي. "وأزمل" معناه: أغطي.