(عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه، (قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بمنى، إذا انفلق القمر فلقتين)؛ فكانت فلقة وراء الجبل، وفلقة دونه).
والمراد بالجبل: المعروف بحراء. فذهبت فرقة نحوه، وبقيت الأخرى مكانه، حتى صار حراء بينهما. (فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اشهدوا"). أي: اضبطوا ذلك بالمشاهدة.
[ ص: 7 ] وإنما قال: "اشهدوا" من الشهادة؛ لأنها معجزة عظيمة، لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء.
وفي الحديث: رد على من قال: إن قوله تعالى: وانشق القمر بمعنى: سينشق يوم القيامة. فأوقع الماضي موقع المستقبل؛ لتحققه. وهو خلاف الإجماع. وكذا قول الآخر: "انفلق" بمعنى: انشق عنه الظلام، عند طلوع الشمس. كما يسمى الصبح: "فلقا".
ووجه هذا الرد: قوله: "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذا انفلق".
وقول بعضهم: "لو انشق، لما خفي على أهل الأقطار، ولو ظهر عندهم: لنقلوه متواترا؛ لأن الطباع مجبولة على نشر العجائب": مردود، بأنه يجوز أن يحجبه الله عز وجل عنهم بغيم؛ لا سيما وأكثر الناس نيام، والأبواب مغلقة، وقل من يترصد السماء. ولعله كان في قدر اللحظة، التي هي مدرك البصر.
وقد روى أبو الضحى؛ عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق؛ عن عبد الله: "أنهم سألوا السفار. هل انشق؟ قالوا: قد رأيناه".
قال في الفتح: ذكر ابن الحاجب عن بعض الشيعة: أن انشقاق القمر، وتسبيح الحصى، وحنين الجذع، وتسليم الغزالة: مما نقل
[ ص: 8 ] آحادا، مع توفير الدواعي على نقله. ومع ذلك لم يكذب رواتها. وأجاب: بأنه استغني عن نقلها تواترا بالقرآن.
وأجاب غيره: بمنع نقلها آحادا. وعلى تسليمه، فمجموعها: يفيد القطع.
قال: والذي أقول: أنها كلها مشتهرة عند الناس. وأما من حيث الرواية، فليست على حد سواء؛ فإن حنين الجذع وانشقاق القمر، نقل كل منها نقلا مستفيضا، يفيد القطع، عند من يطلع على طرق ذلك: من أئمة الحديث، دون غيرهم ممن لا ممارسة له في ذلك.
وأما تسبيح الحصى، فليست له: إلا هذه الطريق الواحدة، مع ضعفها.
وأما تسليم الغزالة؛ فلم أجد له إسنادا؛ لا من وجه قوي، ولا من وجه ضعيف. والله أعلم. انتهى كلام الفتح.