(عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما؛ (قال: قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "حوضي، مسيرة شهر، وزواياه: سواء). معناه: طوله كعرضه. كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=1584 "أبي ذر"؛ عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: "عرضه مثل طوله". قال القسطلاني: أي لا يزيد طوله على عرضه.
(وماؤه: أبيض من الورق). هكذا هو في جميع النسخ: "الورق" بكسر الراء. وهو الفضة. والنحويون يقولون: إن أفعل التفضيل؛ الذي يقال فيه: هو أفعل من كذا، لا يصاغ من اللون، ولا من غير الثلاثي. فلا يقال: زيد أبيض من عمرو. وإنما يقال: أشد بياضا. وهو أشد بياضا من كذا. وقد جاء في الشعر أشياء من هذا الذي أنكروه، فعدوه شاذا لا يقاس عليه. وهذا الحديث: يدل على صحته. وهي لغة، وإن كانت قليلة الاستعمال. ومنها: قول عمر، رضي الله عنه: "ومن ضيعها، فهو لما سواها: أضيع".
وفي nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم؛ من رواية nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود، عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد؛ بلفظ: أشد بياضا من اللبن". انتهى.
قلت: والصواب: استعمال كل منهما، كما جاءت بهما الأحاديث. فعليك أن لا تكون كوفيا، ولا بصريا؛ بل سنيا أثريا.
[ ص: 40 ] (وريحه: أطيب من المسك). وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر: "وأحلى من العسل". وزاد nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد؛ من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: "وأبرد من الثلج".
(وكيزانه: كنجوم السماء). وفي رواية: "فيه أباريق: كنجوم السماء". أي: في الإشراق، والكثرة.
قال النووي: المختار الصواب: أن هذا العدد للآنية؛ على ظاهره. وأنها أكثر عددا من نجوم السماء. ولا مانع (عقلي ولا شرعي): يمنع من ذلك. بل ورد الشرع به مؤكدا. كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: "والذي نفس محمد بيده!... إلخ".
[ ص: 41 ] باب المبالغة، معروف في الشرع واللغة. ولا يعد كذبا؛ إذا كان الخبر عنه: في حيز الكثرة والعظم، ومبلغ الغاية في بابه. بخلاف ما إذا لم يكن كذلك.
قال: ومثله: "كلمته ألف مرة، ولقيته مائة كرة". فهذا جائز، إذا كان كثيرا. وإلا فلا. انتهى. قال النووي: والصواب: الأول.
قلت: ولا استحالة في تحقق هذا العدد. فقد ورد في الحديث: ما يرشد إلى أن الله تعالى: يعطي المؤمن في الجنة؛ مثل الدنيا، وعشر أمثالها. وقدرة الله تعالى صالحة لكل شيء.
والظاهر: أن المراد بالسماء هنا: هذه السماء الدنيا، لا جميع السموات. ويحتمل أن تكون "السماء": اسم جنس. فيشمل كلها. ويكون عدد الكيزان، والأباريق، والآنية: أكثر من جميع نجومها. والله أعلم.
(فمن شرب منه: لا يظمأ بعده أبدا)...
"الظمأ": مهموز مقصور. كما ورد به القرآن العزيز. وهو العطش. يقال: ظمئ يظمأ ظمأ. فهو ظمآن. وهم "ظماء": بالمد. كعطش يعطش عطشا، فهو عطشان، وهم عطاش.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: ظاهر هذا الحديث: أن الشرب منه؛ يكون بعد
[ ص: 42 ] الحساب، والنجاة من النار. فهذا هو الذي لا يظمأ بعده.
وقيل: لا يشرب منه؛ إلا من قدر له السلامة من النار.
وهذه الأحاديث؛ لها طرق وألفاظ، في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري. وفيها: نفي علم الغيب؛ عن رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم. وإخبار عما أحدثت أمته بعده: من المعاصي والبدع، التي هي سبب الحرمان، من الشرب من الحوض، والبعد من النبي، صلى الله عليه وآله [ ص: 44 ] وسلم.
(قال: فكان ابن أبي مليكة يقول: اللهم! إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا، أو أن نفتن عن ديننا).
فيه: إشارة إلى أن الرجوع على العقب؛ كناية عن مخالفة الأمر، الذي تكون الفتنة بسببه. فاستعاذ منهما جميعا.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي "في التذكرة": قال علماؤنا: كل من ارتد عن دين، أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله، ولم يأذن فيه؛ فهو من المطرودين عن الحوض، المبعدين عنه. وأشدهم طردا من خالف جماعة المسلمين؛ كالخوارج، على اختلاف فرقها. والروافض، على تباين ضلالها. والمعتزلة، على أصناف أهوائها. فهؤلاء كلهم مبدلون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم، وطمس الحق، وقتل أهله، وإذلالهم. والمعلنون بالكبائر، المستخفون بالمعاصي.
قلت: ومن جملة المطرودين عن حوضه، صلى الله عليه وآله وسلم؛ أيضا: من اتخذ الأحبار والرهبان أربابا من دون الله، فقلدهم، وقابل الأهواء والآراء من أسلافهم: بآيات الكتاب العزيز، وأدلة السنة المطهرة؛ إيثارا للخلق على الحق. ومن أحدث في أمرنا ما ليس منه: كان ما كان، وفي أي شيء من هذا الأمر كان. والله أعلم.
اللهم! لا تمكر بنا في الحياة، ولا عند الممات. واجعلنا من الفائزين بالجنات. واسقنا من حوض نبينا وجدنا وسيدنا: محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ خيرة الكائنات. (يا أرحم الراحمين! وأكرم الأكرمين!)، على العلات.