(عن nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان) رضي الله عنه؛ (أن نبي الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: إني لبعقر حوضي): بضم العين، وإسكان القاف. وهو موقف الإبل من الحوض؛ إذا وردته. وقيل: مؤخره.
(أذود الناس، لأهل اليمن). معناه: أطرد الناس عنه، غير أهله. قال النووي: وهذه كرامة لأهل اليمن، في تقديمهم في الشرب منه: مجازاة لهم بحسن صنيعهم، وتقدمهم في الإسلام. والأنصار من اليمن-. فيدفع غيرهم حتى يشربوا، كما دفعوا في الدنيا عن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: أعداءه، والمكروهات.
[ ص: 56 ] (أضرب بعصاي). قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: وعصاه المذكورة في هذا الحديث، هي المكنى عنها: "بالهراوة"، في وصفه صلى الله عليه وآله وسلم؛ في كتب الأوائل: "بصاحب الهراوة".
قال أهل اللغة: "الهراوة" بكسر الهاء: "العصا". قال: ولم يأت لمعناها "في صفته، صلى الله عليه وآله وسلم": تفسير؛ إلا ما ظهر لي في هذا الحديث. قال النووي: وهذا الذي قاله - في تفسير الهراوة بهذه العصا-: بعيد، أو باطل؛ لأن المراد بوصفه بالهراوة: تعريفه بصفة يراها الناس معه، يستدلون بها على صدقه، وأنه المبشر به، المذكور في الكتب السالفة. فلا يصح تفسيره: بعصا، تكون في الآخرة. قال: والصواب، في تفسير "صاحب الهراوة": ما قاله الأئمة المحققون: أنه صلى الله عليه وآله وسلم: كان يمسك القضيب بيده، كثيرا.
وقيل: لأنه كان يمشي والعصا بين يديه، وتغرز له فيصلي إليها.
وهذا مشهور في الصحيح. والله أعلم. انتهى.
(حتى يرفض عليهم). ومعناه: يسيل عليهم. ومنه: حديث البراق: "استصعب، حتى ارفض عرقا". أي: سال عرقه..
قال أهل اللغة والغريب: أصله من الدمع. يقال: "ارفض"، إذا سال متفرقا.
[ ص: 57 ] قلت: وعلى كل الحال: في هذا الحديث منقبة عظيمة، وبشارة فخيمة: لأهل اليمن الماضين والآتين. وقد وردت في فضائل اليمن وأهله؛ آيات وأخبار صحيحة، ذكرنا طرفا منها، في كتابنا: "سلسلة العسجد، من ذكر مشائخ السند". وقد اتصل سندنا لدواوين السنة: بعلماء اليمن، ومجتهديه. واتصل نسبنا: بضئضئ سيد ولد آدم؛ عليه الصلاة والسلام. وفقهنا هذا، هو فقه اليمن. وقد جاء بذلك حديث في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم؛ بلفظ: "والفقه يماني". وهؤلاء مشائخنا من أهل اليمن، كلهم متبعون أثريون. ولله الحمد. ومن هنا نرجو منه سبحانه: أن يجعلنا ممن يشرب من حوض النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: كأسا دهاقا؛ بل ماء غدقا حتى يرفض علينا. وما ذلك على الله بعزيز.
(فسئل عن عرضه؟ فقال: من مقامي إلى عمان ). تقدم ضبطه. والأحاديث في مقدار هذه المسافة مختلفة، كما سبقت الإشارة إليه. قال في "إرشاد الساري": ففي حديث nindex.php?page=showalam&ids=13ابن عمرو: "مسيرة شهر". وفي حديث أنس: nindex.php?page=hadith&LINKID=856136 "كما بين أيلة، وصنعاء".
وكلها متقاربة: ترجع إلى نحو نصف شهر، أو تزيد على ذلك قليلا، أو تنقص.
وأقل ما ورد في ذلك، عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: "قريتان بالشام، بينهما مسيرة ثلاثة أيام". فقيل في الجمع: إن هذه الأقوال، صارت على وجه، بأنه صلى الله عليه وآله وسلم: خاطب أهل كل جهة. بما يعرفون من المواضع. وهو تمثيل وتقريب لكل أحد، ممن خاطبه: بما يعرفه من تلك الجهات. وبأنه ليس في ذكر المسافة القليلة، ما [ ص: 59 ] يدفع الكثير. فالأكثر: ثابت بالحديث الصحيح، فلا معارضة. فأخبر أولا: بالمسافة اليسيرة. ثم أعلمه الله تعالى: بالطويلة، فأخبر بما تفضل الله به عليه باتساعه: شيئا فشيئا. فالاعتماد على أطولها.
وأما قول بعضهم: الاختلاف إنما هو بالنظر: إلى الطول والعرض، فمردود بحديث nindex.php?page=showalam&ids=13ابن عمرو: "وزواياه سواء"، وحديث النواس وغيره: "طوله وعرضه: سواء".
ومنهم من حمله على: السير المسرع، والبطيء. لكن في حمله على أقلها، وهو الثلاث: نظر. أو هو عسر جدا، لاسيما مع ما سبق. والله الموفق. انتهى).
قلت: واستنبط بعض المتأخرين، من قوله: "وزواياه سواء": أن الحوض مدور، وليس بمربع. وليس بواضح. وإن احتمل. والله أعلم.
(وسئل عن شرابه؟ فقال: "أشد بياضا من اللبن. وأحلى من العسل. يغت فيه ميزابان").
"يغت" بفتح الياء، وضم الغين المعجمة، وكسرها. هكذا قال ثابت، nindex.php?page=showalam&ids=14228والخطابي، والهروي، وصاحب التحرير، والجمهور. وكذا هو في معظم نسخ بلاد النووي. ونقله عياض عن الأكثرين.
قال الهروي: ومعناه: يدفقان فيه الماء، دفقا متتابعا شديدا.
[ ص: 60 ] قالوا: وأصله من إتباع الشيء الشيء. وقيل: يصبان فيه دائما، صبا شديدا.
ووقع في بعض النسخ: "يعب" بضم العين المهملة، وبموحدة. وحكاها nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض عن رواية العذري. قال: وكذا ذكره الحربي، وفسره بمعنى ما سبق. أي: لا ينقطع جريانهما! قال: "والعب": الشرب بسرعة، في نفس واحد. قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13486 "ابن ماهان": "يثعب" بالثاء. أي: يتفجر.
(يمدانه من الجنة): بفتح الياء وضم الميم. أي: يزيدانه ويكثرانه.
(أحدهما: من ذهب. والآخر: من ورق).
اللهم توفنا مسلمين. واسقنا من حوض سيد المرسلين، ولا تحرمنا منه، يا رب العالمين!.