(عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس) رضي الله عنهما؛ (قال: كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم).
قال أهل اللغة: يقال: "سدل يسدل، بضم الدال، وكسرها.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: سدل الشعر: إرساله. قال: والمراد به هنا، عند العلماء: إرساله على الجبين، واتخاذه كالقصة. يقال: "سدل شعره، وثوبه": إذا لم يضم جوانبه، وأرسله.
(وكان المشركون، يفرقون رؤوسهم). "الفرق": هو فرق الشعر، بعضه من بعض.
(وكان رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: يحب موافقة أهل [ ص: 92 ] الكتاب، فيما لم يؤمر به. فسدل رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: ناصيته، ثم فرق بعد).
قال العلماء: "الفرق": سنة؛ لأنه الذي رجع إليه النبي، صلى الله عليه وآله وسلم. قالوا: فالظاهر أنه إنما رجع إليه بوحي، لقوله: "إنه كان يوافق أهل الكتاب؛ فيما لم يؤمر به". قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: حتى قال بعضهم: نسخ السدل، فلا يجوز فعله، ولا اتخاذ الناصية والجمة. قال: ويحتمل أن المراد: جواز الفرق، لا وجوبه. ويحتمل: أن الفرق كان باجتهاد في مخالفة أهل الكتاب، لا بوحي. ويكون الفرق مستحبا.
ولهذا اختلف السلف فيه؛ ففرق منهم جماعة. واتخذ اللمة آخرون. وقد جاء في الحديث: "أنه كان للنبي، صلى الله عليه وآله وسلم: لمة. فإن انفرقت: فرقها. وإلا تركها". قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: فرق الرجل، أحب إلي. هذا كلام القاضي.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: واختلف العلماء في تأويل موافقة أهل الكتاب، فيما لم ينزل عليه شيء؛ فقيل: فعله استئلافا لهم، في أول الإسلام، [ ص: 93 ] وموافقة لهم على مخالفة عبدة الأوثان. فلما أغنى الله تعالى عن استئلافهم، وأظهر الإسلام على الدين كله: صرح بمخالفتهم في غير شيء، منها: صبغ الشيب.
وقال آخرون: يحتمل أنه أمر باتباع شرائعهم، فيما لم يوح إليه شيء. وإنما كان هذا، فيما علم أنهم لم يبدلوه. واستدل بعض الأصوليين بهذا الحديث: على أن شرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يرد شرعنا بخلافه.
وقال آخرون: بل هذا دليل على أنه ليس بشرع لنا؛ لأنه قال: "يجب موافقتهم". فأشار إلى أنه إلى خيرته. ولو كان شرعة لنا؛ لتحتم اتباعه، والله أعلم.
قال في الفتح: وعلى التسليم، ففي نفس الحديث: أنه رجع عن ذلك آخرا. والله أعلم.