[ ص: 166 ] قال أبو إسحق: المعنى فيه عندي لأن يراني معهم أحب إليه من أهله وماله وهو عندي مقدم ومؤخر].
(الشرح)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه؛ (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم: "والذي نفس محمد بيده! ليأتين على أحدكم يوم، ولا يراني. ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم".
(قال أبو إسحاق) يعني: ابن محمد بن سفيان -: (المعنى فيه عندي: لأن يراني معهم، أحب إليه من أهله وماله. ثم لا يراني. وهو عندي: مقدم مؤخر). هذا الذي قاله أبو إسحاق، هو الذي قاله nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض. واقتصر عليه. قال: تقديره: لأن يراني معهم، أحب إليه من أهله وماله، ثم لا يراني. وكذا جاء في مسند nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور: nindex.php?page=hadith&LINKID=690992 "ليأتي على أحدكم يوم؛ لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله، ثم لا يراني". أي: رؤيته إياي، [ ص: 167 ] أفضل عنده وأحظى، من أهله وماله. انتهى.
قال النووي: الظاهر، أن قوله في تقديم "لأن يراني"، وتأخير "ثم لا يراني": كما قال. وأما لفظة "معهم": فعلى ظاهرها، وفي موضعها. وتقدير الكلام: يأتي على أحدكم يوم؛ لأن يراني فيه لحظة، ثم لا يراني بعدها: أحب إليه من أهله وماله جميعا.
قال: ومقصود الحديث: حثهم على ملازمة مجلسه الكريم، ومشاهدته حضرا وسفرا، للتأدب بآدابه، وتعلم الشرائع وحفظها، ليبلغوها. وإعلامهم أنهم سيندمون على ما فرطوا فيه، من الزيادة من مشاهدته وملازمته. ومنه قول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه: ألهاني عنه الصفق بالأسواق. والله أعلم. انتهى.
قلت: ويلزم على المعنى الذي ذكره النووي: أن كل من تأدب بآدابه، وتعلم الشريعة وحفظها، وبلغها كما تعلمها؛ فهو في حكم من رآه. وإن فاتته فضيلة المشاهدة الحقيقية، فلم يفته ملازمته ومشاهدته المجازية، التي محلها قلبه. وهذا المفهوم صحيح، ومن هنا قال قائلهم:
أهل الحديث هم أهل النبي وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا
[ ص: 168 ] ولا شك أن محبيه، صلى الله عليه وآله وسلم، الذين جاءوا من بعده: يهوى أحدهم من صميم القلب، وجذر الفؤاد: أن يراه لحظة، ويفديه بماله وأهله. ولكن أنى لهم ذلك؟ بل إن رأوه في المنام، وحقق أنه هو عليه الصلاة والسلام، فلا تسأل عن فرحهم. اللهم! ارزقنا، ولا تحرمنا.