قال التوربشتي: إنما طعن من طعن في إمارتهما؛ لأنهما كانا من الموالي، وكانت العرب لا ترى تأمير الموالي، وتستنكف عن اتباعهم كل الاستنكاف. فلما جاء الله "عز وجل" بالإسلام، ورفع قدر من لم يكن له عندهم قدر: بالسابقة، والهجرة، والعلم، والتقى: عرف حقهم المحفوظون من أهل الدين. فأما المرتهنون بالعادة، والممتحنون بحب الرياسة -من الأعراب، ورؤساء القبائل-: فلم يزل يختلج في صدورهم شيء من ذلك، لا سيما أهل النفاق، فإنهم كانوا يسارعون إلى الطعن وشدة النكير عليه. وكان قد بعث زيدا أميرا على عدة سرايا، وأعظمها جيش "مؤتة" وسار تحت رايته فيها: نجباء الصحابة. وكان خليقا بذلك؛ لسوابقه، وفضله، وقربه من رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم أمر nindex.php?page=showalam&ids=111 "أسامة" في مرضه، على جيش فيهم: جماعة من مشيخة [ ص: 525 ] الصحابة وفضلائهم. وكأنه رأى في ذلك -سوى ما توسم فيه من النجابة-: أن يمهد الأرض، وتوطئة لمن يلي الأمر بعده؛ لئلا ينزع أحد يدا من طاعته، وليعلم كل منهم أن العادات الجاهلية: قد عميت مسالكها، وخفيت معالمها.