قلت : احتج به بعض الحنفية : على فضيلة إمامهم nindex.php?page=showalam&ids=11990 "أبي حنيفة" : نعمان بن ثابت ، الكوفي . رحمه الله تعالى . وهو احتجاج ضعيف جدا ، لا ينطبق على دعواهم . لأن "هؤلاء" : إشارة إلى "أهل فارس" كسلمان الفارسي رضي الله عنه . وأصل الإمام -كما قيل- من كابل . وكابل ليس من بلاد الفرس . وأيضا يخالفه لفظة : "رجال" بصيغة الجمع . وأقل الجمع : "اثنان" ، لا واحد . نعم ، فيه فضيلة أهل الحديث ، الذين خرجوا من فارس العجم . وهم رجال كثيرون طيبون . ومنهم : غالب أصحاب الأمهات الست .
وذكر "الثريا" : دليل على اكتسابهم الإيمان ، من مكان بعيد . وليس على وجه البسيطة : من حصل الإيمان -من موضع شاسع ، ومحل
[ ص: 36 ] باعد- : بجمع السنن والأحاديث ، ونزع الأخبار والآثار ، من معادنها : غير أهل الحديث النبوي . تظاهرت بذلك : كتب طبقاتهم ، وصحف أسفارهم . حتى إن واحدا منهم سافر في طلب حديث واحد : إلى مسيرة شهر ، أو زيادة عليها . فكأنهم نالوا الإيمان من عند الثريا ، الذي هو أبعد المكان . وإنك لا تجد أبدا : سوادا واحدا من أسودة الفقهاء "أهل الرأي والقياس" : أتعب نفسه في كسب العلم السني ، هذا التعب ، أو بلغ في دركه من مواضعه ومعادنه : هذا المبلغ .
فهذا الحديث : لا مصداق له -إن شاء الله تعالى- إلا عصابة الحديث ، وجماعة السنة : في القديم والحديث .
وفي هذا : معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم . ومنقبة باهرة : nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وأمثالهما : ممن تصدى لعلم الأخبار ، ورواية الآثار ، ونقل السنن من الرجال الأخيار ، والرواة الأبرار ، والحملة الأطهار . وأصلهم : من فارس وبلاده . والله يختص برحمته من يشاء من عباده .